وقد ظهر مما قررنا أن أقسام الملح أربعة: معدني، وما أصله ماء وجمد، وما صنع من أجزاء الأرض، وما صنع من النبات، وأنه يتفق في القسم الثاني على عدم السلب به، ويتفق في الرابع على السلب. وقول المص: (والأرجح السلب بالملح)، قال ق: "ابن يونس: الملح إذا طرح في الماء فالصواب أن لا يجوز الوضوء به؛ لأنه إذا فارق الأرض كان طعامًا ولا يتيمم به". انتهى. الأمر الثاني: كلام المص، أي: قوله: (والأرجح. . الخ) فيما طرح قصدًا؛ إذ المطروح من غير قصد يتفق على عدم سلبه الطهورية. الثالث: كلام المص في التردد ليس جاريًا على اصطلاحه، كما أشار إليه بعضهم؛ وذلك لأنه ذكر أنه يشير بالتردد لتردد المتأخرين في النقل عن المتقدمين، أو في الحكم لعدم نص المتقدمين، وهنا أشار بالتردد لتردد المتأخرين في إبقاء قول المتأخرين السابقين عليهم أوردها لقول واحد، وذلك لأنه تردد المتأخرين، وهم: ابن أبي زيد وابن القصار، والقابسي والباجي في حكم التغير بالملح، فقال ابن أبي زيد وابن القصار: "إن حكم التغيير به لا يضر؛ لأنه من أجزاء الأرض". وقال القابسي: "إنه يضر؛ لأنه يشبه المطعومات". وقال سند عن الباجي: "إن التغير بالمعدني لا يضر، وأما بالمصنوع فيضر". واعترض على سند في نسبة ذلك للباجي، بأن الباجي لم يجزم به، وإنما ذكره على طريق الاحتمال، وقد وافق ابن عرفة سند في عزو هذا القول للباجي، فقال: "وفي كون الملح المنقول كالتراب. ثالثها: المعدني لا المصنوع لابن القصار والقابسي والباجي". انتهى. واختلف من تأخر عن المتأخرين المذكورين في القول الثالث: هل هو تفسير للقولين الآخرين أم لا؟ وقد أشار لذلك ابن بشير، فقال: "اختلف المتأخرون: هل الملح كالتراب، فلا ينقل حكم الماء، وهو المشهور، أو كالطعام فينقله إلى غيره، أو المعدني كالتراب، والمصنوع كالطعام، واختلف بعدهم على ترجع هذه الأقوال إلى =