التاسعة عشرة: واختلف العلماء في حد الإكراه؛ فروي عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه قال: ليس الرجل آمن على نفسه إذا أخفته أو أوثقته أو ضربته. وقال ابن مسعود: ما كلام يدرأ عني سوطين إلا كنت متكلمًا به. وقال الحسن: التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة، إلا أن اللَّه تبارك وتعالى ليس يجعل في القتل تقية. وقال النخعي: القيد إكراه، والسجن إكراه. وهذا قول مالك، إلا أنه قال: والوعيد المخوف إكراه وإن لم يقع إذا تحقق ظلم ذلك المعتدي وإنفاذه لما يتوعد به، وليس عند مالك وأصحابه في الضرب والسجن توقيت، إنما هو ما كان يؤلم من الضرب، وما كان من سجن يدخل منه الضيق على المكره. وإكراه السلطان وغيره عند مالك إكراه. وتناقض الكوفيون فلم يجعلوا السجن والقيد إكراه ما يدل على أن الإكراه يكون من غير تلف نفس. وذهب مالك إلى أن من أكره على يمين بوعيد أو سجن أو ضرب أنه يحلف، ولا حنث عليه؛ وهو قول الشافعي وأحمد وأبي ثور وأكثر العلماء. الموفية عشرين: ومن هذا الباب ما ثبت أن من المعاريض لمندوحة عن الكذب. وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي أنه قال: لا بأس إذا بلغ الرجل عنك شيء أن تقول: واللَّه، إن اللَّه يعلم ما قلت فيك من ذلك من شيء. قال عبد الملك بن حبيب: معناه أن اللَّه يعلم أن الذي قلت، وهو في ظاهره انتفاء من القول، ولا حنث على من قال ذلك في يمينه ولا كذب عليه في كلامه. وقال النخعي: كان لهم كلام من ألغاز =