للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ومسلمة الكذاب. أو يريد به النبيء الذي قال فيه الشاعر:
فأصبح رتما دقاق الحصى ... مكان النبيء من الكاثب
أجمع العلماء على أن من أكره على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرًا عند اللَّه ممن اختار الرخصة. واختلفوا فيمن أكره على غير القتل من فعل ما لا يحل له؛ فقال أصحاب مالك: الأخذ بالشدة في ذلك واختيار القتل والضرب أفضل عند اللَّه من الأخذ بالرخصة، ذكره ابن حبيب وسحنون. وذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنه إذا تهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف فله أن يفعل ما أكره عليه من شرب خمر أو أكل خنزير؛ فإن لم يفعل حتى قتل خفنا أن يكون آثمًا لأنه كالمضطر. وروى خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلت: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين وبمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه واللَّه ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون". فوصفه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا عن الأمم السالفة على جهة المدح لهم والصبر على المكروه في ذات اللَّه، وأنهم لم يكفروا في الظاهر وتبطنوا الإيمان ليدفعوا العذاب عن أنفسهم. وهذه حجة من آثر الضرب والقتل والهوان على الرخصة والمقام بدار الجنان. وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة [الأخدود] [البروج] إن شاء اللَّه تعالى. وذكر أبو بكر محمد بن محمد بن الفرج البغدادي قال: حدثنا شريح بن يونس عن إسماعيل بن إبراهيم عن يونس بن عبيد عن الحسن أن عيونًا لمسيلمة أخذوا رجلين من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فذهبوا بهما إلى مسيلمة، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدًا رسول اللَّه؟ قال نعم. قال: أتشهد أني رسول اللَّه؟ قال: نعم. فخلى عنه. وقال للآخر: أتشهد أن محمدًا رسول اللَّه؟ قال نعم. قال: وتشهد أني رسول اللَّه؟ قال: أنا أصم لا أسمع؛ فقدمه وضرب عنقه. فجاء هذا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: هلكت، قال: "وما أهلكك؟ " فذكر الحديث، قال: "أما صاحبك فاخذ بالثقة وأما أنت فأخذت بالرخصة على ما أنت عليه الساعة" قال: أشهد أنك رسول اللَّه. قال: "أنت على ما أنت عليه". الرخصة فيمن حلفه سلطان ظالم على نفسه أو على أن يدله على رجل أو مال رجل؛ فقال الحسن: إذا خاف عليه وعلى ماله فليحلف ولا يكفر يمينه؛ وهو قول قتادة إذا حلف على نفسه أو مال نفسه. وقد تقدم ما للعلماء في هذا. وذكر موسى بن معاوية أن أبا سعيد بن أشرس صاحب مالك استحلفه السلطان بتونس على رجل أراد السلطان قتله أنه ما آواه، ولا يعلم له موضعًا؛ قال: فحلف له ابن أشرس؛ وابن أشرس يومئذ قد علم موضعه وآواه، فحلفه بالطلاق ثلاثًا، فحلف له ابن =

<<  <  ج: ص:  >  >>