وقال الحطاب (١/ ١٣٥ - ١٣٦): "قال في التوضيح: المسفوح البخاري، وغير المسفوح كالباقي في العروق، وقال ابن فرحون: كالباقي في محل التذكية وفي العروق، وهو طاهر مباح الأكل على ظاهر المذهب. انتهى. وهو المشهور. وقيل: نجس, وانظر ما مراده بالباقي في محل التذكية، هل أثر الدم الذي في محل ذبح الشاة، أو الدم الذي يبقى في محل نحو الشاة، ويخرج بعد سلخها، إذا طعنت، فإن أراد الأول، فهو نجس؛ لأنه من الدم المسفوح، وقد ذكر البرزلي خلافًا بين المتأخرين في الرأس إذا شوي بدمه، هل يقبل التطهير أم لا؟ ونقله ابن ناجي أيضًا في شرح المدونة، وفي كلام صاحب المدخل إشارة إلى ذلك، وإن أراد الثاني فقد ذكر البرزلي في مسائل الصلاة عن بعض الإفريقيين أنه قال في الدم الذي يخرج من نحو الشاة بعد سلخها: قولان، قال: كان يمضي لنا أنه بقية الدم المسفوح، وجعله هنا من الخارج من العروق بعد خروج الدم المسفوح، وهو خلاف في شهادة. انتهى. فتأمله، والذي يظهر أنه من بقية الدم المسفوح، وأما ما ذكره ابن فرحون وصاحب التوضيح من أن الباقي في العروق غير مسفوح فقاله ابن بشير وغيره، ولا إشكال فيه، والخلاف فيه إنما هو إذا قطعت الشاة وظهر الدم بعد ذلك، وأما لو شويت قبل تقطيعها فلا خلاف في جواز أكلها، قال اللخمي: ونقله ابن عرفة وابن الإِمام وغيرهم، وقال أبو الحسن الشذالي في حاشيته على المدونة: وقال أبو عمر: إن ما تطاير من الدم من اللحم عند قطعه على الثوب والبدن فغسله مستحسن انتهى". تنبيهان: الأول: قد يفهم من قوله في التوضيح: (أن المسفوح هو الدم الجاري) أن ما لم يجر من الدم داخل المسفوح، وأنه طاهر، ولو كان من آدمي أو ميتة أو حيوان حي، وهو كذلك، فقد قال اللخمي: الدم على ضربين: نجس ومختلف فيه، فالأول: دم الإنسان، ودم ما لا يجوز أكله، ودم ما يجوز أكله إذا خرج في حال الحياة، أو في حين الذبح؛ لأنه مسفوح، واختلف فيما بقي في الجسم بعد الذكاة، وفي دم ما ليس له نفس سائلة وفي دم الحوت. انتهى. فيفهم من كلام اللخمي أن دم الآدمي والحيوان الذي لا يؤكل والميتة نجس مطلقًا، سواء جرى أو لم يجر، وهو ظاهر، ويؤيد ذلك قول البساطي هنا: مراد المصنف أن الدم الذي لم يجر بعد موجب خروجه شرعًا فهو طاهر، فخرج الدم القائم بالحي؛ لأنه لا يحكم عليه بالطهارة ولا بالنجاسة والدم =