للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعضهم: لم يختلف الشيوخ في أن ما انعكس مِن الدُّخان قبل صيرورة النجاسة جمرًا في الطعام والماء أنه ينجسه؛ لأنه يحمل على الرطوبة.

[١٤] ومِن النجس: بول مِن آدمي كبير اتفاقًا، وصغير على المشهور: ذكرًا أو أنثى، أكل الطعام أو لا، زالت رائحته أو لا.


= وقال التونسي: رماد الميتة يجب أن يكون طاهرًا؛ لأنه كالخمرة تتغير خلًا، وإذا انعكس دخانها في القدر نجست انتهى المراد منه.
قلت: ظاهر ما ذكره البساطي وما ذكره ابن رشد حين تكلم على السماع أنه ليس في طهارة دخان النجاسة قبل صيرورتها جمرًا أو بعده خلاف، وهذا خلاف ما تقدم عن مق من قصر ذلك على الدخان يغير صيرورتها جمرًا، واعلم أنه على القول بطهارة الدخان والرماد فالخبز المخبوز بالروث النجس طاهر، ولو تعلق به شيء من الرماد، وأما على القول بنجاسة ما ذكر كما عليه المص فالمخبوز به حيث كان يصل إليه الدخان أو كان فيه شيء من الرماد متنجس.
وقال في التوضيح: قال شيخنا: ينبغي أن يرخص في الخبز المخبوز بالزبل بمصر لعموم البلوى ومراعاة لمن يرى أن النار تطهر، وأن رماد النجاسة طاهر، وللقول بطهارة زبل الخيل، والمعقول بكراهته منها ومن البغال والحمير.
قال: فيخف الأمر مع هذا الخلاف، وإلا فيعتذر على الناس أمر معايشهم غالبًا، والحمد للَّه على خلاف العلماء، فإنه رحمة للناس. انتهى.
قال بعض الشارحين: قلت: ظاهر هذا أنه لا يرخص إلا في الأكل الذي لا بد منه، وتفسد على الناس معيشتهم بسببه، لا في الحمل في الصلاة، ولا في عدم غسل الفم منه، فتأمل ذلك؛ فإنه كثيرًا ما يسأل عنه، ويريد من لا تأمل له تعدية الرخصة إليه، وليس ذلك بصواب، فافهم. انتهى.
قلت: دعواه أنه لا يجزئ ذلك في عدم غسل الفم من ممنوع، وإن سلم فإنما يدل هذا على ما ذكره من أن قوله: (لعموم البلوى إلخ) علة مركبة من هذه الأمور، وأما إن جعل كل واحد علة شمل ذلك حمله في الصلاة أيضًا.
وقد أفتى الجد -رحمه اللَّه- وشيخه الشيخ شمس الدين اللقاني بصحة صلاة حامل ماء خبز بروث الدواب المتنجس، انظر: الشرح الكبير.
ولا شك في طهوره، فترى الشيخين على ما لابن رشد ومن وافقه من أن دخان النجس لم يختلف في عدم نجاسته عندنا.
ثم على القول بنجاسة الدخان فإنه لا ينجس بمجرده، بل إذا علق، والظاهر أن المراد بالعلوق أن يظهر أثره، وأما مجرد الرائحة فلا، ذكره ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>