للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من أرضه بقدر ما ينتهي إليه رميتها، ولا شك في جهله؛ لاختلاف قوة الرامي وضعفها، أو يلزم البيع بوقوعها من يده.

ابن عسكر: أي متى سقطت لزم البيع؛ لأنه بيع لأجل مجهول. انتهى.

وقال المازري: إن كان معناه إذا سقطت باختياره فهو بيع جائز، إذا وقع مؤجلًا، لا يمنع، إلا أن يكون ثمنه مجهولًا، أو مضافًا إليه شيء يفسده، مثل أن يقول: متى تركت حصاة ولو بعد عام وجب البيع.

أو يلزم البيع على ما تقع عليه الحصاة بلا قصد منه لشيء معين للجهل بعين المبيع.


= ولما رأيناهم أجمعوا على جواز المسائل التي عددناها، قلنا: ليس ذلك إلا لأن الغرر فيها نزر يسير غير مقصود، وتدعو الضرورة إلى العفو عنه.
فإذا أثبت هذا ووضح ما استنبطناه من هذين الأصلين المختلفين قلنا: يجب أن ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاء الأمصار في هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود، وقاسه على ما تقدم. فمن منع قدر أن الغرر مقصود، وقاسه على ما تقدم أيضًا.
وأما بيع الحصاة فاختلف في تأويله اختلافًا كثيرًا، وأحسن ما قيل عنه تأويلات منها:
أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامي، وعوائق الرمي.
وقيل: معنل، أي ثوب وقعت عليه حصاة رمى فهو المبيع.
وهذا -أيضًا- مجهول، كالأول.
وقيل: معناه: ارم بالحصاة، في خرج كان لى بعدده دنانير أو دراهم، وهذا -أيضًا- مجهول.
هذه ثلاث تأويلات تتقارب وكلها يصح معها المنع.
وقد قيل تأويل رابع وخامس، قيل: معناه: أنه إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة.
وهذا إذا كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم يجب أن يمنع، إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضيفوا لذلك أمورًا تفسد البيع، ويكون ذلك عندهم معروفًا ببيع الحصاة، مثل أن يكون متى ترك حصاه -وإن كان بعد عام- وجب له البيع فهذا فاسد.
وقيل -أيضًا-: كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة، فيقول: إذا سقطت".

<<  <  ج: ص:  >  >>