فإذا أثبت هذا ووضح ما استنبطناه من هذين الأصلين المختلفين قلنا: يجب أن ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاء الأمصار في هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود، وقاسه على ما تقدم. فمن منع قدر أن الغرر مقصود، وقاسه على ما تقدم أيضًا. وأما بيع الحصاة فاختلف في تأويله اختلافًا كثيرًا، وأحسن ما قيل عنه تأويلات منها: أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامي، وعوائق الرمي. وقيل: معنل، أي ثوب وقعت عليه حصاة رمى فهو المبيع. وهذا -أيضًا- مجهول، كالأول. وقيل: معناه: ارم بالحصاة، في خرج كان لى بعدده دنانير أو دراهم، وهذا -أيضًا- مجهول. هذه ثلاث تأويلات تتقارب وكلها يصح معها المنع. وقد قيل تأويل رابع وخامس، قيل: معناه: أنه إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة. وهذا إذا كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم يجب أن يمنع، إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضيفوا لذلك أمورًا تفسد البيع، ويكون ذلك عندهم معروفًا ببيع الحصاة، مثل أن يكون متى ترك حصاه -وإن كان بعد عام- وجب له البيع فهذا فاسد. وقيل -أيضًا-: كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة، فيقول: إذا سقطت".