وقد أشار ابن عرفة إلى القولين بقوله: وفي كون نجاسة أدخلت بباطن الجسد كماء بظاهره، ولغوها نقل اللخمي عن رواية محمد يعيد شارب قليل خمر لا يسكر صلاته أبدًا مدة ما يرى بقاؤه ببطنه. وقال التونسي: ما بداخل الجسد من طاهر أو نجس لغوًا. انتهى. وكلامه يفيد أن الراجح هو الأول. وقال القرافي في الفروق: إنه المشهور. واعتراض ابن الشاط عليه مردود. وحاصل ما يستفاد من كلامهم في هذه المسألة: أن من شرب خمرًا ونحوه على الوجه المحرم فإن قدر على التقيؤ، ولم يفعل، وصلى كمن صلى بالنجاسة متعمدًا، ولو تاب وإن لم يقدر، وصلى فإنه كالمصلي بها غير متعمد، وهو كمن تعمد الصلاة بالخمر وعجز عن إزالته وصلى، وسواء تاب أم لا، وهذا يفيده قوله: (كماء بظاهر)، وهو موافق لما قاله الشيبي، إلا أنه لا يعتد بحالة التوبة، وانظر شرحنا الكبير. ثم إن قوله: (كماء بظاهر) يفيد أن من شرب الخمر لغصة أو يظنه نبيذًا وقدر على تقيؤه فلم يفعل وصلى أن صلاته باطلة، كمن لابس النجاسة بظاهر غير متعمد ثم علم بها قبل دخوله في الصلاة وصلى بها متعمدا إن صلاته باطلة، وقد أشرنا إلى ذلك. وبهذا يتبين: أن ما ذكره د عن عر من أن من شرب الخمر لا سائمة أو أكل الميتة للضرورة وصلى كانت صلاته صحيحة، وعلل ذلك عر بأن الضرورة عندنا معتبرة كالسلس ونحوه انتهى غير ظاهر. وما استدل به د على ما قاله عر من قول اللخمي فصار مصليًا بنجاسة متعمدًا في موضع من جسده لم تدع إليه الضرورة انتهى لا يدل له؛ لاحتمال أنه يريد بقوله: لم تدع إليه ضرورة أنه ترك تقيؤه مع القدرة عليه، فتأمله.