للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الموالي للأرض، والوجه الموالي للمصلي طاهر، فيكون كنجاسة فرش عليها، فيقال: ومن هذا المعنى مسألة الهيدورة، وهي: التي تكون النجاسة بأحد وجهيها دون الآخر، فيصلي على الطاهر، اختلف فيه أصحاب الفقيه أبي ميمونة (١) درّاس فقيه فاس، فمنهم من أجاز، ومنهم من منع.

ثم ذكر الحكم المستفهم عنه، مضمنًا له الجواب بقوله: سنة، وشهره في البيان، وصححه ابن يونس، أو واجبة إن ذكر وقدر، وساقطة مع العجز والنسيان، وهو مذهب المدونة (٢)، فلو صلى بها عالمًا قادرًا على إزالتهما أعادها أبدًا، وجعل البساطي الشرط من قوله: (إن ذكر) شرطًا في (واجبة). انتهى، ولا يبعد كونه شرطًا في (سنة) أيضًا، فانظره (٣).


(١) هو: دراس (كشداد) بن إسماعيل الفاسي، أبو ميمونة، (٠٠٠ - ٣٥٧ هـ = ٠٠٠ - ٩٦٨ م)، أول من أدخل (مدونة سحنون) مدينة فاس، وبه اشتهر مذهب مالك هنالك، حج ولقي عليّ بن عبد اللَّه بن أبي مَطَر بالإسْكندرية، وسَمِع منه كِتاب ابن الموّاز وحَدَّث به بالقيْروان، ودَخل ابن مَيْمونة الأندلُس، وتَكَرَّر وجوده فيها طَالِبًا ومُجاهِدًا، فكان مَترددًا في الثّغر، مولده ووفاته بفاس. ينظر: الأعلام (٢/ ٣٣٧).
(٢) وشهره اللخمي.
(٣) قال الأجهوري: اعلم أن ح ذكر أن الخلاف لفظي، أي: أنه اختلف في التعبير عن حكم إزالة النجاسة، فبعضهم عبر عنه بالوجوب، وبعضهم عبر عنه بالسنة، فلا اختلاف بينهما بحسب المعنى؛ إذ القولان متفقان على أن من صلى بها ذاكرًا قادرًا أعاد أبدًا، ومن صلى بها ساهيًا أو عاجزًا أعاد في الوقت، وعلى تأثيم من صلى بها عامد قادرًا انتهى بالمعنى.
قلت: وفيه بحث؛ إذ الإعادة أبدًا على القول بالوجوب واجبة، وعلى القول بالسنة مستحبة، كما يفيده كلام الفاكهاني، ومما يرد أن الخلاف لفظي أن الإثم على القول بالسنة لاستخفافه بالسنة لا لترك السنة، وأما على القول بالوجوب فلترك الوجوب، ومما يرده أيضًا أن القائل بالسنة يرد ما تمسك به القائل بالوجوب، ثم إن هذا الذي ذكرناه إنما هو على المص أشار بقوله: (أو سنة) لما قاله ابن رشد، وأما إن حمل على أنه أشار به لما قاله أشهب واختاره ابن المعذل فلا شك في اختلاف القولين لفظًا ومعنى، فإنه ذكر أنه يعيد العامل في الوقت على القول بالسنة.
فإن قلت: إن المص لا يشير بالخلاف لمثل هذا.
قلت: بل يشير به لمثل هذا كما تقدم في شرح الخطبة، وقول مق: (إنه لا يشير بالخلاف لمثل هذا) غير ظاهر.=

<<  <  ج: ص:  >  >>