وأما على القول بالسنية فلاستخفافه بالسنة، وهذا يوجب أن يكون الخلاف معنويًا، وقد أشرنا لذلك قبل، ومن العجب أن بعض الشارحين حمل قوله: (سنة) على إطلاقه، أي: سواء ذكر وقدر أم لا، وجعل (إن ذكر وقدر) خاصًا بقوله: (واجبة)، وذكر أن الإثم فيما إذا كان عامدًا قادرًا للتهاون بالسنية لا لتركها، وعلى القول بالوجوب لتركه الوجوب، ثم ذكر أن الخلاف لفظي، وذكر القرطبي في سورة براءة القول بالسنة والإعادة في الوقت عن مالك وأصحابه إلا أبا الفرج ورواية ابن وهب عنه، فإنه قال: اختلف العلماء في إزالة النجاسة عن الأبدان والثياب على ثلاثة أقوال: الأول: أنه واجب فرض، ولا تجوز صلاة من صلى بثوب نجس عالمًا بذلك أو ساهيًا، روي ذلك عن ابن عباس والحسن وابن سيرين، وهو قول الشافعي وأحمد وأبي ثور، ورواية ابن وهب عن مالك، وهو قول أبي الفرج المالكي والطبري. وقالت طائفة: إزالة النجاسة سنة، وليست بفرض، قالوا: فمن صلى بثوب نجس أعاد في الوقت، فإن خرج الوقت فلا شيء عليه، وهذا قول مالك وأصحابه، إلا أبا الفرج ورواية ابن وهب عنه. وقال مالك في يسير الدم: لا تعاد الصلاة منه بحال، وتعاد من يسير البول والغائط ونحو هذا كله من مذهب مالك قول الليث. وقال ابن القاسم: "تجب إزالتها في حال الذكر دون النسيان. والقول الأول أصح، إن شاء اللَّه؛ لحديث: "إنهما [لـ] يعذبان، [وما يعذبان] في كبير: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله"، الحديث خرجه البخاري ومسلم. وقالوا: لا يعذب الإنسان إلا في ترك واجب انتهى باختصار فقد عزى القول بالسنية لمالك وأصحابه وذكر أن عليه أن يعيد في الوقت ولم يذكر عن أحد القول بالإعادة أبدًا على القول بالسنية وهذا يقتضي ضعفه، هذا، وفي استدلاله على أن القول الأول أصح بما ذكر نظر". قال الدسوقي (١/ ٦٨): "قوله (إن ذكر وقدر) قيد في الوجوب فقط وأما القول بالسنية فهو مطلق، سواء كان ذاكرًا قادرًا أم لا كما قرر به ابن مرزوق وح والمسناوي والشيخ أحمد الزرقاني وما في عبق تبعًا لعج من أنه قيد في الوجوب والسنية معًا، فهو غير ظاهر؛ لأنه لا ينحط عن مقتضى السنجة من ندب الإعادة في العجز والنسيان، فإن قلت: جعل القول بالسنية مطلقًا يرد عليه أنه يقتضي أن العاجز والناسي مطالبان بالإزالة على سبيل السنية مع أنه قد تقرر في الأصول امتناع تكليفهما لرفع القلم عن =