وحكي أنه لما فرغ من البناء أمر راميًا أن يرمي سهمًا إلى جهة المغرب، فرمى فانتهى إلى موضع المصلى فقال: إلى هذا الموضع يصل صاحب الحمار! يعني أبا يزيد الخارجي لأنه يركب حمارًا. فقالوا: ان الأمر كان كما قال، وإن أبا يزيد وصل إلى موضع السهم ووقف ساعة، ثم رجع ولم يظفر، ثم أمر بعمارة مدينة أخرى إلى جانب المهدية وجعل بين المدينتين طول ميدان، وأفردها بسور وأبواب وسماها زويلة، وأسكن أرباب الصناعات والتجارات فيها، وأمر أن تكون أموالهم بالمهدية وأهاليهم بزويلة. قال: إن أرادوني بكيد بزويلة فأموالهم عندي بالمهدية، وإن أرادوني بالمهدية خافوا على أهاليهم بزويلة، فإني آمن منهم ليلًا ونهارًا! وشرب أهلها من الصهاريج، ولهم ثلاثمائة وستون صهريجًا على عدة أيام السنة، يكفيهم كل يوم صهريج إلى تمام السنة ومجيء مطر العام المقبل. ومرساها منقورة في حجر صلد تسع مائتي مركب، وعلى طرف المرسى برجان بينهما سلسلة حديد إذا أريد إدخال سفينة أرسل الحراس أحد طرفي السلسلة لتدخل الخارجة ثم يمدها، ثم تناقصت حال ملوكها مع حصانة الموضع حتى استولى عليها الفرنج سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة، وبقيت في يدهم اثنتي عشرة سنة حتى قدم عبد المؤمن افريقية سنة خمس وخمسين وخمسمائة واستعادها. وهي في يد بني عبد المؤمن إلى الآن.