للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وندب غسل أثره إن لم يفتح إن تفاحش؛ لأن التفاحش لا يكاد يتكرر، ثم شبه في العفو واستحباب الغسل عند التفاحش، فقال: كدم البراغيث، أي: خرئها، قاله الجزولي (١).

وعليه فدمها حقيقي كغيره من الدماء، وخص البراغيث لعسر التحرز عنها، وقيل بوجوب غسله إن تفاحش، وهو ظاهر المدونة والرسالة، وحملتا على الاستحباب، والتشبيه به في القليل والكثير؛ فلا يندب غسل القليل.


= الشراح عقب قول المص: (ودمل): "أي: ونحوه، وأما لو كثرت كالجرب فإنه مضطر إلى نكيها، قاله ابن عبد السلام". انتهى فيه نظر؛ لأن محل العفو عما يسيل من الدمل حيث لم يقشر، ولم يعصر، إذا اتصل السيلان أو انقطع، ولم يضبط وقت حصوله لصاحب السلس أو انضبط، ولكن يشق بأن يأتي في كل يوم مرة أو أكثر وأما أن انضبط ويأتي يومًا مثلًا فإنه لا يعفي عنه، وإن حصل له ذلك وهو في الصلاة فإن كان يسيرًا فليفتله، واليسير ما يفتله الراعف، وهو الراشح وغيره، إن كان ثخينًا، وصفة الفتل تأتي في الراعف، الظاهر أنه إن زاد عن درهم قطع كما في الراعف، وإن كان كثيرًا قطع، وإن رأى انقطاعه بحيث يدرك الصلاة في اختيارها وإلا تمادى، إن لم يخش تلوث مسجد كما يأتي في الرعاف.
وقد صوب الرماصي ما قاله ابن عبد السلام من العفو، وقال: فكان على تت الاقتصار عليه، إلا أنه غير مقيد بالكثرة.
قلت: ومن خلال التعليق على كلام التتائي بكلام الرماصي والأجهوري، تبين لي في غير مرة أن الرماصي عالة في حاشيته على الأجهوري، واللَّه تعالى أعلم وأحكم.
(١) هو: عبد الرحمن بن عفان الجزولي، أبو زيد، (٠٠٠ - ٧٤١ هـ = ٠٠٠ - ١٣٤٠ م): فقيه مالكي معمر، من أهل فاس، كان أعلم الناس في عصره بمذهب مالك، وكان يحضر مجلسه أكثر من ألف فقيه معظمهم يستظهر (المدونة)، وقيدت عنه على (الرسالة) ثلاثة (تقاييد):
أحدها: في سبعة مجلدات.
والثاني: في ثلاثة.
والآخر: في اثنين.
قال ابن القاضي: وكلها مفيدة، انتفع الناس بها بعده.
وقال: عاش أكثر من مائة وعشرين سنة، وما قطع التدريس حتى توفي. ينظر: الأعلام (٣/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>