القول الأول: المنع مطلقًا، وهو قول الجمهور (الحنابلة والشافعية والمالكية وزفر من الحنفية)، قال ابن قدامه: (أحدها: الكمال وهو نوعان: كمال الأحكام وكمال الخلقة، أما كمال الأحكام فيعتبر في أربعة أشياء أن يكون بالغًا عاقلًا حرًّا ذكرًا). قال الإمام القرافي: (وهو أن يكون ذكرًا لأن يقضي الأنوثة يمنع من زجر الظالمين وتنفيذ الحق). قال الفيروزآبادي: (وينبغي أن يكون القاضي ذكرًا. . .). أدلة هذا القول: ١ - قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: ٣٤]. وجه الاستدلال: أن (أل) هنا للاستغراق فتشمل جميع النساء والرجال في جميع الأحوال والأصل وجوب العمل بالعام حتى يأتي ما يخصصه ولا مخصص هنا، قال الإمام ابن كثير عليه رحمة اللَّه: (أي: هو رئيسها، وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذ اعوجت، بما فضل اللَّه بعضهم على بعض أي: لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك الملك الأعظم لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. . . " وكذا منصب القضاء، وغير ذلك، {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي: من المهور، والنفقات والكلف التي أوجبها اللَّه عليهن في كتابه، وسنة نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه، وله الفضل عليها، والإفضال، فناسب أن يكون قيمًا عليها كما قال اللَّه تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهم-: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} "يعني: أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة لأهلها حافظة لماله". ٢ - قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ =