الجواب على الدليل الرابع: أما استدلالهم باستشارة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأم سلمة فليس فيه دليل على مسألتنا. فما وجه الدلالة أن يكون سماع الرسول لمشورة أم سلمة دليلًا على جواز انتخابها وترشيحها. . وهل جعل الى سول أم سلمة عضوًا يستشار، وهل كان لها ولأمهات المؤمنين مشورة في سياسة الأمة وهل كان لهما مع الصديق والفاروق ونظرائهم من الرجال رأي في اختيار الأمراء والوزراء، وإعداد الجيوش ونظام بيت المال! ! ولم يقل أحد: إنه يحرم لدي سلطان أن يستشير زوجته في شأن ما، أو يأخذ رأي النساء في قضية من القضايا كما للمرأة الحق في أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدل على الخير. . . ولكن أن يكون لها الحق أو عليها الواجب أن تتولى ولاية عامة إمارة أو وزارة، أو قضاء، أو تكون عضوًا في مجلس تشريعي. . فليس في هذه القصة دليل على هذا الأمر. الجواب على الدليل الخامس: وهو تولي عائشة -رضي اللَّه عنها- لقيادة الجيش في معركة الجمل. والجواب أنها لم تخرج أميرة ولا حاكمة ولا كان الجيش الذي هي فيه يرى إمامًا لهم غير علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- فقد كان بالجيش طلحة والزبير وهما اللذان كانا على رؤوس الناس، وإنما خرجوا للإصلاح وظنوا أن وجود أم المؤمنين معهم أنفع في جمع الكلمة، وتجنيب المسلمين الحرب ثم كان ما كان مما لم يقع في الحسبان. هذا وقد ندمت أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها- على هذا الخروج، ولامها كبار الصحابة، وجاء الحديث النبوي بالتحذير من هذا الخروج، فكيف يكون هذا دليلًا على تولي المرأة الولايات العامة. أخرج عبد اللَّه بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي شيبة وابن سعد عن مسروق قال: كانت عائشة -رضي اللَّه عنها- إذا قرأت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} بكت حتى تبل خمارها وما ذاك إلا لأن قراءتها تذكرها الواقعة التي قتل فيها كثير من المسلمين، وهذا كما أن الزبير -رضي اللَّه عنه- أحزنه ذلك فقد صح أنه -رضي اللَّه عنه- لما وقع الانهزام على من مع أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها- وقتل من قتل من الجمعين طاف في مقتل القتلى فكان يضرب على فخذيه ويقول: يا =