للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت عاقلة حكيمة.
وهذا يُجاب عنه في:
الوجه الثاني: أن يُقال إنها كانت كافرة، فهل إذا أُثني على كافر بعَدْلٍ أو بعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره؟ !
بل وفي نفس القصة: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} فهل يُمكن أن يُقال: هذا فيه ثناء على العفاريت! فَتُولَّى العفاريت المناصِب! وتُحَكّم في الناس؟ ! ! !
الوجه الثالث: أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة -مع ما فيه من ذمّ- فليس فيه مستند ولا دليل، أما لماذا؟ فلأن هذا من شرع من قبلنا، وجاء شرعنا بخلافه.
الوجه الرابع: أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها، فإنها لما أسلمت للَّه رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام، فقد حكى اللَّه عنها أنها قالت: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٤)} [النمل: ٤٤].
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك، بل صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام.
الجواب على الدليل الثالث:
وهو قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا. . .}.
نرد عليه من وجهين:
١ - أن الآية عامة وقد ورد التخصيص بالأدلة الواردة في النهي عن تولي المرأة الولايات العامة كما سبق ذكرها في القول الأول.
٢ - ثم إنه لو صح الاستدلال بهذه الاية على جواز تولي المرأة للقضاء لصح الاستدلال بها على جواز تولي المرأة للولاية العامة وهذا باطل بإجماع العلماء.
ومن النكت المفيدة في هذه المسألة:
ما ورد في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٢].
وقال الجصاص رحمه اللَّه: "من التمني المنهي عنه أن يتمنى ما يستحيل وقوعه، مثل أن تتمنى المرأة أن تكون رجلًا أو تتمنى حال الخلافة والإمارة ونحوها من الأمور التي قد أعلم أنها لا تكون ولا تقع) اهـ.
قال الشوكاني -رحمه اللَّه تعالى-: "فإن ذلك نوع من عدم الرضا بالقسمة التي قسمها اللَّه بين عباده على مقتضى إرادته وحكمته البالغة".
وعلى هذا؛ فتصوير أمر الولاية في ميدان بحثنا على أنها أنانية من الرجل واستبداد منه، وعنفوان من قبله -ما هو إلا نوع مجازفة وانسياق غريب وخطير وراء الإرهاب الفكري والإعلامي الغربي العام، وذوبان ثقافي في الشعارات الثقافية الوافدة. . وهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>