المسألة الثانية: المخالف من أهل القبلة إذا كفرناه كالمجسم وغيره هل تقبل روايته أم لا الحق أنه إن كان مذهبه جواز الكذب لم تقبل روايته وإلا قبلناها وهو قول أبي الحسين البصري وقال القاضي أبو بكر والقاضي عبد الجبار: لا تقبل روايتهم. لنا أن المقتضي للعمل به قائم ولا معارض فوجب العمل به بيان أن المقتضي قائم أن اعتقاده تحريم الكذب يزجره عن الإقدام عليه فيحصل ظن صدقه فيجب العمل به على ما بيناه وبيان أنه لا معارض أنهم أجمعوا على أن الكافر الذي ليس من أهل القبلة لا تقبل روايته وذلك الكفر منتف هاهنا. واحتج أبو الحسين بأن كثيرًا من أصحاب الحديث قبلوا أخبار سلفنا كالحسن وقتادة وعمرو بن عبيد مع علمهم بمذهبهم وإكفارهم من يقول بقولهم واحتج المخالف بالنص والقياس. أما النص فقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} أمر بالتثبت عند نبأ الفاسق وهذا كافر فوجب التثبت عند خبره وأما القياس فأجمعنا على أن الكافر الذي لا يكون من أهل القبلة لا تقبل روايته فكذا هذا الكافر والجامع أن قبول الرواية تنفيذ لقوله على كل المسلمين وهو منصب شريف والكفر يقتضي الإذلال وبينهما منافاة أقصى ما في الباب أن يقال هذا الكافر جاهل بكونه كافرًا لكنه لا يصلح عذرًا لأنه ضم إلى كفره جهلًا آخر وذلك لا يوجب رجحان حاله على الكافر الأصلي. والجواب عن الأول: أن اسم الفاسق في عرف الشرع مختص بالمسلم المقدم على الكبيرة، وعن الثاني: الفرق بين الموضعين أن كفر الخارج عن الملة أعظم من كفر صاحب التأويل فقد رأينا الشرع فرق بينهما في أمور كثيرة مع ظهور الفرق لا يجوز الجمع". (١) قال في الذخيرة (١٠/ ١٥٣): "الباب الثاني في التحمل، قال صاحب المقدمات: هو فرض كفاية، فإن لم يكن بالموضع غيرك تعين عليك، ولقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}. (٢) أي: أداء الشهادة، وينظر أحكامها في الذخيرة (١٠/ ١٥٢). (٣) قال في المحصول (٤/ ٥٦٤، وما بعدها): "المسألة الأولى: رواية الصبي غير مقبولة لثلاثة أوجه: =