الثاني: أنه لا يحصل الظن بقوله، فلا يجوز العمل به كالخبر عن الأمور الدنيوية. الثالث: الصبي إن لم يكن مميزًا لا يمكنه الاحتراز عن الخلل، وإن كان مميزًا علم أنه غير مكلف، فلا يحترز عن الكذب. فإن قلت: أليس يقبل قوله في إخباره عن كونه متطهرًا، حتى يجوز الاقتداء به في الصلاة. قلت: ذلك لأن صحة صلاة المأموم غير موقوفة على صحة صلاة الإمام. المسألة الثانية: إذا كان صبيًّا عند التحمل بالغًا عند الرواية قبلت روايته لوجوه أربعة: الأول: إجماع الصحابة؛ فإنهم قبلوا رواية ابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهم- من غير فرق بين ما تحملوه قبل البلوغ أو بعده. الثاني: إجماع الكل على إحضار الصبيان مجالس الرواية. الثالث: أن إقدامه على الرواية عند الكبر يدل ظاهرًا على ضبطه للحديث الذي سمعه حال الصغر. الرابع: أجمعنا على أنه تقبل منه الشهادة التي تحملها حال الصغر فكذا الرواية، والجامع أنه حال الأداء مسلم عاقل بالغ يحترز من الكذب". (١) قال في المحصول (٤/ ٥٧٢، وما بعدها): "الفاسق إذا أقدم على الفسق فإن علم كونه فسقًا لم تقبل روايته بالإجماع وإن لم يعلم كونه فسقًا فكونه فاسقًا إما أن يكون مظنونًا أو مقطوعًا؛ فإن كان مظنونًا قبلت روايته بالاتفاق قال الشافعي -رضي اللَّه عنه-: أقبل شهادة الحنفي وأحده إذا شرب النبيذ وإن كان مقطوعًا به قبلت روايته أيضًا قال الشافعي -رضي اللَّه عنه-: أقبل رواية أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم وقال القاضي أبو بكر: لا تقبل. لنا أن ظن صدقه راجح والعمل بهذا الظن واجب والمعارض لمجمع عليه منتف فوجب العمل به. واحتج الخصم بأن منصب الرواية لا يليق بالفاسق أقصى ما في الباب أنه جهل فسقه ولكن جهله بفسقه فسق آخر فإذا منع أحد الفسقين من قبول الرواية فالفسقان أولى بذلك المنع. والجواب: أنه إذا علم كونه فسقًا دل إقدامه عليه على اجترائه على المعصية بخلاف ما إذا لم يعلم ذلك".