للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= باحتجاجه بهذا كله وتصريح القرآن به، وكذلك من أنكر شيئًا مما نص فيه القرآن بعد علمه أنه من القرآن الذي في أيدي الناس ومصاحف لمسلمين ولم يكن جاهلًا به ولا قريب عهد بالإسلام واحتج لإنكاره أما بأنه لم يصبح النقل عنده ولا بلغه العلم به أو لتجويز الوهم على نافله فنتكفره بالطريقين المتقدمين لأنه مكذب للقرآن مكذب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لكنه تستر بدعواه وكذلك من أنكر الجنة أو النار أو البعث أو الحساب أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه وإجماع الأمة على صحة نقله متواترًا وكذلك من اعترف بذلك ولكنه قال: إن المراد بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب معنى غير ظاهره وأنها لذات روحانية ومعان باطنة كقول النصارى والفلاسفة والباطنية وبعض المتصوفة وزعم أن معنى القيامة الموت أو فناه محض ولتنقاض هيئة الأفلاك وتحليل العالم كقول بعض الفلاسفة وكذلك نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء فأما من أنكر ما عرف بالتواتر من الأخبار والسير والبلاد التي لا يرجع إلى أبطال شريعة ولا يفضي إلى إنكار قاعدة من الدين كإنكار غزوة تبوك أو مؤنة أو وجود أبي بكر وعمر أو قتل عثمان أو خلافة على مما علم بالنقل ضرورة وليس في إنكار وجحد شريعة فلا سبيل إلى تكفيره بجحد ذلك وإنكار وقوع العلم له إذ ليس في ذلك أكثر من المباهتة كإنكار هشام وعباد وقعه الجمل ومحاربة على من خالفه فأما إن ضعف ذلك من أجل تهمة لناقلين ووهم المسلمين أجمع فنكفره بذلك لسريانه إلى إبطال الشريعة فأما من أنكر الإجماع المجرد الذي ليس طريقه النقل المتواتر عن الشارع.
فأكثر المتكلمين ومن الفقهاء والنظار في هذا الباب قالوا بتكفير كل من خالف الإجماع الصحيح الجامع لشروط الإجماع المتفق عليه عمومًا وحجتهم قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} الآية، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من خالف الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه" وحكوا الإجماع على تكفير من خالف الإجماع وذهب آخرون إلى الوقوف عن القطع بتكفير من خالف الإجماع الذي يختص بنقله العلماء وذهب آخرون إلى التوقف في تكفير من خالف الإجماع الكائن عن نظر كتكفير النظام بإنكاره الإجماع لأنه بقوله هذا مخالف إجماع السلف على احتجاجهم به خارق للإجماع، قال القاضي أبو بكر: القول عندي أن الكفر باللَّه هو الجهل بوجوده والإيمان باللَّه هو العلم بوجوده وأنه لا يكفر أحد بقول ولا رأى إلا أن يكون هو الجهل باللَّه فإن عصى بقول أو فعل نص اللَّه ورسوله أو أجمع المسلمون أنه لا يوجد إلا من كافر أو يقوم دليل على ذلك فقد كفر ليس لأجل قوله أو فعله لكن لما يقارنه من الكفر فالكفر باللَّه لا يكون إلا بأحد ثلاثة أمور؛ أحدها: الجهل باللَّه تعالى، والثاني: أن يأتي فعلًا أو يقول قولًا يخبر اللَّه ورسوله أو يجمع المسلمون أن ذلك لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>