= يكون إلا من كافر كالسجود للصنم والمشي إلى الكنائس بالتزام الزنار مع أصحابها في أعيادهم أو يكون ذلك القول أو الفعل لا يمكن معه العلم باللَّه قال: فهذان الضربان وإن لم يكونا جهلًا باللَّه فهما علم أن فاعلهما كافر منسلخ من الإيمان فأما من نفى صفة من صفات اللَّه تعالى الذاتية أو جحدها مستبصرًا في ذلك كقوله: ليس بعالم ولا قادر ولا مريد ولا متكلم وشبه ذلك من صفات الكمال الواجبة له تعالى فقد نص أئمتنا على الإجماع على كفر من نفى عنه تعالى الوصف بها وأعراه عنها وعلى هذا حمل قول سحنون من قال: ليس للَّه كلام فهو كافر وهو لا يكفر المتأولين كما قدمناه فأما من جهل صفة من هذه الصفات فاختلف العلماء هاهنا فكفره بعضهم وحكى ذلك عن أبي جعفر الطبري وغيره وقال به أبو الحسن الأشعري مرة وذهبت طائفة إلى أن هذا لا يخرجه عن اسم الإيمان وإليه رجع الأشعري قال: لأنه لم يعتقد ذلك اعتقادًا يقطع بصوابه ويراه دينًا وشرعًا وإنما يكفر من اعتقد أن مقاله حق واحتج هؤلاء بحديث السوداء وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما طلب منها التوحيد لا غير وبحديث القائل لئن قدر اللَّه علي وفي رواية فيه لعلي أضل اللَّه ثم قال: فغفر اللَّه له قالوا ولو بوحث أكثر الناس عن الصفات وكوشفوا عنها لما وجد من يعلمها إلا الأقل، وقد أجاب الآخر عن هذا الحديث بوجوه منها أن قدر بمعنى قدر ولا يكون شكه في القدرة على إحيائه بل في نفس البعث الذي لا يعلم إلا بشرع ولعله لم يكن ورد عندهم به شرع يقطع عليه فيكون الشك فيه حينئذٍ كفرًا، فأما ما لم يرد به شرع فهو من مجوزات العقول أو يكون قدر بمعنى ضيق ويكون ما فعله بنفسه إزراءً عليها وغضبًا لعصيانها وقيل: إنما قال ما قاله وهو غير عاقل لكلامه ولا ضابط للفظه مما استولى عليه من الجزع والخشية التي أذهبت لبه فلم يؤاخذ به وقيل كان هذا في زمن الفترة وحيث ينفع مجرد التوحيد وقيل بل هذا من مجاز كلام العرب الذي صورته الشك ومعناه التحقيق وهو يسمى تجاهل العارف وله أمثلة في كلامهم كقوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} وقوله: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)} فأما من أثبت الوصف ونفى الصفة فقال أقول عالم ولكن لا علم له ومتكلم ولكن لا كلام له وهكذا في سائر الصفات على مذهب المعتزلة فمن قال بالمأل لما يؤديه إليه قوله ويسوقه إليه مذهبه كفره لأنه إذا نفى العلم انتفى وصف عالم إذ لا يوصف بعالم إلا من له علم فكأنهم صرحوا عنده بما أدى إليه قولهم وهكذا عند هذا سائر فرق أهل التأويل من المشبهة والقدرية وغيرهم ومن لم ير أخذهم بمأل قولهم ولا ألزمهم موجب مذهبم لم ير إكفارهم قال لأنهم إذا وقفوا على هذا قالوا لا نقول ليس بعالم ونحن ننتفي من القول بالمأل الذي ألزمتموه لنا ونعتقد نحن وأنتم أنه كفر بل نقول إن قولنا لا يؤول إليه على ما أصلناه فعلى هذين المأخذين اختلف الناس في إكفار أهل =