للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وإلا ضربت عنقه، ما جعل ابن حنبل يقول في ابن أبي ذئب: "هو أورع وأقول بالحق من مالك"، فرد الذهبي قائلًا في سير أعلام النبلاء (٧/ ١٤٢)، وما بعدها: "قلت: لو كان ورعًا كما ينبغي، لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم، فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث" لأنه رآه منسوخًا.
وقيل: عمل به، وحمل قوله: (حتى يتفرقا) على التلفظ بالإيجاب والقبول، فمالك في هذا الحديث، وفي كل حديث له أجر ولا بد، فإن أصاب، ازداد أجزا آخر، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية.
وبكل حال: فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه، فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه، بل هما عالما المدينة في زمانهما -رضي اللَّه عنهما-، ولم يسندها الإمام أحمد، فلعلها لم تصح".
وقال في ميزان الاعتدال (١/ ١١١): "وكلام ابن منده في أبي نعيم فظيع، لا أحب حكايته، ولا أقبل قول كل منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان، لا أعلم لهما ذنبًا أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها.
قرأت بخط يوسف بن أحمد الشيرازي الحافظ، رأيت بخط ابن طاهر المقدسي يقول: أسخن اللَّه عين أبي نعيم، يتكلم في أبي عبد اللَّه بن مندة، وقد أجمع الناس على إمامته وسكت عن لا حق وقد أجمع الناس على أنه كذاب.
قلت: كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، ما ينجو منه إلا من عصم اللَّه، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك، سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس، اللَّهم فلا تجعل في قلوبنا غلًّا للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم".
وقد وضع لضبط ذلك الكلام تاج الدين السبكي كلامًا نفيسًا، رأيت لأهميته سرده للمنفعة، قال في طبقات الشافعية الكبرى (٢/ ٩، وما بعدها): "قاعدة في الجرح والتعديل ضرورية نافعة، لا تراها في شيء من كتب الأصول فإنك إذا سمعت أن الجرح مقدم على التعديل ورأيت الجرح والتعديل وكنت غرًّا بالأمور أو فدمًا مقتصرًا على منقول الأصول حسبت أن العمل على جرحه فإياك ثم إياك والحذر كل الحذر من هذا الحسبان بل الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر مادحوه ومزكوه وندر جارحه وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه ونعمل فيه بالعدالة وإلا فلو فتحنا هذا الباب أو أخذنا تقديم الجرح على إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون.
وقد عقد الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الكتاب العلم بابًا في حكم قول العلماء =

<<  <  ج: ص:  >  >>