فصل: اتفقوا على أنه لا يجوز تعادل الأدلة انقطعية لوجوب وجود مدلولاتها وهو محال وكذاك الأدلة الظنية عندنا ذكره القاضي وأبو الخطاب وبه قال الكرخي وأبو سفيان السرخسي وأكثر الشافعية وقال الرازي والجرجاني والجبائي وابنه: يجوز ذلك وذهب قوم إلى جوازه في القطعيات ذكره يوسف ابن الجوزي وقد ذكر القاضي فيما اختصره من أصول الدين والفقه رأيته بخطه لا يجوز تكافؤ الأدلة في أدلة التوحيد وصفات اللَّه وأسمائه والقضاء والقدر، وأما دلائل الفروع مثل الصلاة والصيام والحج والزكاة وغير ذلك فيجوز أن تتكافأ وقال بعد هذا: والمجتهد إذا أداه اجتهاده إلى أمرين متناقضين فحكمه حكم العامي يجب عليه أن يقلد غيره ولا يجوز القول بالتخيير، قلت: وكذا يجب أن يقال إذا تكافأت عنده وعجز عن الترجيح فعلى هذا يكون التقليد بدلًا لا يصار إليه إلا عند العجز عن الاجتهاد. مسألة: إذا تعادلت الأدلة عند المجتهد فحكمه الوقف عند أصحابنا قال صالح: كنت أسمع أبي كثيرًا يسأل عن الشيء فيقول: لا أدري وربما قال: سل غيري ومن قال بجواز تعادل الأمارات قال يتخير بين الاعتقادين كما خير العامي بين المفتيين إذا اختلفا. قال أبو الخطاب وأما القبلة فلا يجوز أن تتساوى الأمارات عنده فيها ومتى وجد ذلك جعلناه بمنزلة الأعمى يقتدى بغيره فيها ولا يتخير أي: الجهات شاء كما نقول في مسألتنا إذا تساوت عنه وقف حتى يذاكر غيره أو يفكر فتترجح عنده إحدى الأمارتين ولا يتخير وإن سلم التخيير في جهات القبلة فلأن حكم القبلة أخف ولهذا يجوز تركها مع العلم في حال المسايفة وفي النافلة، وقد ذكر ابن عقيل في موضع أنه إذا اعتدل عنده القياسان يخير ولكن هل يجوز تساويهما في نفس الأمر؟ لابن عقيل فيه قولان وقياس ما ذكره أبو الخطاب في القبلة أنه يقلد إذا استويا عنده كما قلنا على وجه أنه يقلد عند ضيق الوقت وقد ذكرت لأصحابنا كلامًا في ذلك عند مسألة التقليد. وذكر أبو المعالي أنه إذا تكافأ عنده وجها الاجتهاد فكل واحد من المصوبة والمخطئة اختلفوا هل يقلد عالمًا أكبر كالعامي أو يتوقف أو يتخير على ثلاثة أقوال؟ ". واختلاف الأثرين يسمى في عرف المحدثين بـ (مختلف الحديث)، ونصوا على أن ما كان من الآثار كذلك اتبع فيها جملة من الأمور رتبوها، وقد قال فيه السيوطي في =