قد يقال: لم كنى بضمير الجمع المؤنث ولم يتقدم ما يعود عليه في اللفظ؟ قلنا: لو تقدم ذكر جمع مؤنث في اللفظ لاستغنى أن يقول نساء ولقال فإن كن فوق اثنتين كما قال في الأخوات فإن كانتا اثنتين لأنه قد تقدم ذكر أخت ولم يتقدم هنا إلا ذكر الأولاد فقال الطبري حاكيًا عن الكوفيين بعود الضمير على المتروكات كأنه قال المتروكات واختار هذا القول وضعف قول من قال يعود على الولد لأن الولد يجمع المذكر والمؤنث والمذكر يغلب على المؤنث في الجمع، والذي اختاره عندي غير صحيح لأنه فيه عود الضمير على ما ليس في اللفظ وترك اللفظ الظاهر وإنما كان يلزم تغليب المؤنث على المذكر لو عاد الضمير على جملة الأولاد وإنما يعود على البعض وذلك البعض هم النساء والاسم المضمر هو الظاهر والمتكلم لا يريد سوى ذلك الاسم وعنه يخبر وحكمه يريد أن يبين فلذلك قال كن كما قال وإن كانت واحدة فجاء بضمير الواحدة التي يريد أن يبين حكمها وهي ولد كما أن النساء ولد وهذا بين، وقد حكى سيبويه من كانت أمك بالنصب فأنث الاسم الأول لأنه هو الأخير في المعنى وأعجب من هذا قولهم إنه قام زيد وإذا أخبروا عن المؤنث قالوا إنها قامت هند فأنثوا ليشاكل أول الكلام آخره وإن لم يكن الاسم الأول هو الثاني. فإن قلت: إنما هو ضمير القصة! قلنا: وإن كان ضمير القصة فقد اختاروه على ضمير الأمر في هذا الموضع للمشاكلة قال اللَّه سبحانه: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ} ولم يقل إنه وقال: {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} ونحو من الأول قولهم بحسبك زيد فأدخلوا الباء على حسب وهم يريدون زيدًا لأنه هو ويعضد هذا قول الشاعر: =