للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} (١).


(١) قال السهيلي ص ٥٦ - ٥٨: "فصل في ميراث الأم الثلث: قوله: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}، لم يجعل اللَّه لها الثلث إلا بشرطين أحدهما عدم الولد والآخر إحاطة الأبوين بالميراث ولذلك دخلت الواو ليعطف الشرط الثاني على الأول ولو لم تدخل الواو لأحاط الأبوان بالميراث عند عدم الولد ولم يرث معهما أحد هذا مقتضى قوله وورثه أبواه وافهم هذه النكتة من ألفاظ القرآن فإنك ستجد فائدة ما إذا ذكرنا ميراث الكلالة إن شاء اللَّه؛ وذلك أن لفظ ورث إذا وقع مطلقًا اقتضى حوز الميراث عمومًا مثل أن تقول ورثت زيدا إذا ورثت ماله كله فإن كان معك وارث آخر لم يحسن أن تقول ورثته إنما تقول ورثت منه كذا تعني نصفًا أو ثلثًا لأن معنى ورثته ورثت ماله ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ولما قام مقامه في الإعراب قام مقامه في العموم من قولك ورثت ماله لسر من العربية لطيف ليس هذا موضع ذكره قال اللَّه سبحانه ونرثه ما يقول وقال يرثني ويرث من آل يعقوب ألا تراه قال من آل يعقوب بزيادة حرف التبعيض وقال يرثني بغير حرف لإحاطة الولد بميراث الأب وقال وورث سليمان داود وقال وهو يرثها عن لم يكن له ولد أي يحيط بميراثها، وإذا ثبت هذا فمعنى الكلام إذا إن لم يكن له ولد وأحاط الأبوان بميراثه فلأمه الثلث وسكت عن حظ الأب استغناء عن ذكره لأنه لا يبقى بعد الثلث إلا الثلثان ولا وارث إلا الأبوان، وهذا بالغ في البيان، وتذكر ههنا الفريضتان الغراوان وهما امرأة تركت زوجها وأبويها ورجل ترك امرأته وأبويه فللأم ههنا الثلث ما بقي وذلك السدس من رأس المال مع الزوج والربع من رأس المال مع الزوجة، وقد أبي من ذلك ابن عباس وقال لا أجعل لها إلا الثلث من رأس المال والزوج النصف ويبقى السدس للأب فأبى عليه زيد ابن ثابت وقال ليقسم هو كما رأى وأقسم أنا كما رأيت وهي إحدى المسائل الخمسة التي خالف فيها ابن عباس الصحابة.
والعجب أن اللَّه جعل لها الثلث كما جعل للزوج النصف وزيد ابن ثابت يقول بالعول خلافًا لابن عباس ولم يجعلها عائلة ولا حط الأب فيكون خلافًا لقوله للذكر مثل حظ الأنثيين فلا هو نقص الزوج مما جعل لها ولا هو سوى الأم معه فيعطيها من رأس المال كما أعطاه، ولكن قوله منتزع من كتاب اللَّه انتزاعًا تعضده الأصول وذلك أن الأم تقول لم حططتموني عن الثلث الذي جعل اللَّه لي، فيقال لها: ما أخرجت عن الثلث لأن ميراثك مع أحد الزوجين الثلث مما يبقى فلم تخرجي عن الثلث.
فتقول الأم: هلا أعطيتموني الثلث من رأس المال فيكون للزوج نصف ما بقي أو هلا جعلتموها عائلة فيدخل النقص عليه وعلى الأب كما دخل علي.
فيقال لها: إنما قال اللَّه سبحانه فلأمه الثلث ولم يقل مما ترك كما قال في الزوجين وفي الأخت والأختين وفي الأبوين مع وجود الولد ولفظ ما صيغة من صيغ العموم =

<<  <  ج: ص:  >  >>