للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد من الأبوين (١) السدس أربعة، عيل فيها بمثل ثمنها، ونقص لكل وارث تسع ما لفظ له به.


(١) قال السهيلي ص ٥١ - ٥٢: "فصل في حكمة نصيب الأبوين مع الولد، وقوله: (ولأبويه) ذكرهما بلفظ الأبوة دون لفظ الولادة كما قال وبالوالدين إحسانًا لأن هذه الآية معرضها ومقصودها غير ذلك ولفظ الوالدين أوفى وأجلب للرحمة وأشكل بالوضع الذي يراد به الرفق بهما لأن لفظ الولادة يشعر بحال المولود وبرحمتهما له إذا ذاك ألا تراه يقول في آية الوالدين {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} ولفظ الأبوين أوقر وإن كان الآخر أرق ألا تراهم لا يقولون في الكنية إلا يا أبا فلان ولا يقولون يا والد فلان فكان لفظ الأبوين ها هنا أشكل بهذا المقام الذي هو إعلام بحظ هذين اللذين ينسب إليهما الميت والأبوة في مقابلة البنوة والوالد في مقابلة الولد مع أن لفظ الأبوة هنا فقها وهو سريان الميراث من الأب إلى أبيه إذا عدم الأب لأن لفظ الأبوة يتناوله وقد قرنت معه ههنا الأم بلفظ الأبوة ولا يقال لها أب ولا أبة إذا انفردت ولا يقال لها إلا والدة فلو ذكر بلفظ الولادة لسرى أيضًا حق الميراث منها إلى والدها إذا عدمت هي كما سرى ذلك في الأب إلى الجد إذا عدم الأب وهذا دقيق فافهمه.
وقد تقدم اللفظ بين حالتي اللفظين وما يشاكله من مقامات الكلام كل واحد من الاسمين وتنزيل الألفاظ في مواطنها وهو معنى البلاغة وهي الفصاحة ومن هنا يعلم الإعجاز في كلام اللَّه العزيز والحمد للَّه.
وقوله لكل واحد منهما السدس مما ترك أن كان له ولد سوى اللَّه بين الأبوين في هذه المسألة إذا كان للميت ولد ولم يفضلهما على الولد لأنه يقال للأب كما كنت تحب لابنك من الغني والخير أكثر مما تحب لأبيك فكذلك حال ابنك مع ولده كحالك مع ولدك لأن الوالد أحب الناس غنى لابنه وأعزهم فقرًا عليه كم قال الصديق لابنته عائشة -رضي اللَّه عنهما- عند موته وكان أبوه حيًا فقال لها ما من أحد أحب إلى غنى منك ولا أعز فقرًا علي بعدي منك ولم يستثن أباه ولا غيره ثم إن الولد يؤملون من النكاح والحياة وغيره بحداثة سنهم ما لا يؤمله الأبوان ثم قال الأب إن فريضتك لا تنقص بكثرة الورثة وإن كان الولد عشرين وفريضة ولد ابنك الهالك قد تنقص بكثرة الأولاد حتى تكون أقل من العشر فيرضى الأبوان بقسم اللَّه تعالى لهما ويريان العدل من اللَّه بينا فيما قسم فإنه لم يحجب بالبنين فيعطي الأب نصفًا ولا ثلثًا ولا حجب بالأب فأعطاه عشرًا ولا تسعًا بل جعل له أوسط الفرائض وهو السدس ولا يزاد بقلة الولد ولا بنقص بكثرتهم والحمد للَّه.
فصل في حكمة التسوية بين الأبوين مع وجود الولد:
وسوى اللَّه بين الأب والأم في هذا الموضع لأن الأب وإن كان يستوجب التفضيل بما كان ينفقه على الابن وبنصرته له وانتهاضه بالذب عنه صغيرًا فالأم أيضًا حملته كرهًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>