فإن قيل: ما ذكرتموه معارض بما يدل على نقيض مطلوبكم، وذلك أنه لو كان الفعل واجبًا في أول الوقت أو وسطه لما جاز تركه مع القدرة عليه؛ إذ هو حقيقة الواجب، وإنما يتحقق ذلك بالنسبة إلى آخر الوقت لانعقاد الإجماع على لحوق الإثم بتركه فيه بتقدير عدم فعله قبله، وأما قبل ذلك فالفعل فيه ندب لكونه مثابًا مع جواز تركه، ويسقط الفرض به في آخر الوقت ولا يمتنع سقوط الفرض عن المكلف بفعل ما ليس بفرض كالزكاة المعجلة قبل الحول سلمنا أنه ليس بنفل ولكن ما المانع من القول بتعيين وقت الوجوب بالفعل أو تعيين الوقت الأول للوجوب وما بعده قضاء أو الحكم بكونه واجبًا بتقدير بقائه بصفة المكلفين إلى آخر الوقت كما قيل من المذاهب السابقة. والجواب عن جواز ترك الفعل في أول الوقت أنه لا يدل على عدم الوجوب مطلقًا بل على عدم الوجوب المضيق، وأما الموسع فلا، والفرق بين المندوب والواجب الموسع جواز ترك المندوب مطلقًا والموسع بشرط الفعل بعده في الوقت الموسع. وحاصله راجع إلى أن الواجب على المكلف إيقاع الفعل في أي وقت شاء من أجزاء ذلك الوقت الموسع على طريق الإبهام والتعيين إلى المكلف كما سبق في خصال الكفارة أو بشرط العزم على الفعل بعده، ثم لو كان نفلًا لما سقط به الفرض لما سبق، والزكاة المعجلة واجبة مؤجلة بعد انعقاد سببها وهو ملك النصاب لا أنها نافلة ولكان ينبغي أن تصح الصلاة بنية النفل وليس كذلك فإن قيل: لو كان العزم بدلًا عن الفعل في أول الوقت لما وجب الفعل بعده ولما جاز المصير إليه مع القدرة على المبدل كسائر الأبدال مع مبدلاتها ولكان من أخر الصلاة عن أول الوقت مع الغفلة عن العزم يكون عاصيًا لكونه تاركًا للأصل وبدله كيف وإن الأمر الوارد بإيجاب =