وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث عبد اللَّه بن سليمان بن أكتمة الليثي قال: قلت: يا رسول اللَّه، إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أؤديه كما أسمع منك، يزيد حرفًا أو ينقص حرفًا، فقال: "إذا لم تحلوا حرامًا ولم تحرموا حلالًا وأصبتم المعنى فلا بأس". فذكر ذلك للحسن فقال: لولا هذا ما حدثنا. واستدل لذلك الشافعي بحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه". قال: وإذا كان اللَّه برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف، علمنا منه بأن الكتاب قد نزل لتحل لهم قراءته، وإن اختلف لفظهم فيه، ما لم يكن اختلافهم إحالة معنى، كان ما سوى كتاب اللَّه سبحانه أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه. وروى البيهقي عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا له: يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نسيان فقال: هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئًا؟ فقلنا: نعم، وما نحن له بحافظين جدًا، إنا لنزيد الواو والألف وننقص، قال: فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظًا وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث سمعناها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عسى أن لا نكون سمعناها منه إلا مرة واحدة حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى. وأسند أيضًا في المدخل عن جابر بن عبد اللَّه قال: قال حذيفة: إنا قوم عرب نردد الأحاديث فنقدم ونؤخر. وأسند أيضًا عن شعيب بن الحبحاب قال: دخلت أنا وعبدان على الحسن فقلنا: يا أبا سعيد الرجل يحدث بالحديث فيزيد فيه أو ينقص منه قال: إنما الكذب على من تعمد ذلك. وأسند أيضًا عن جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يحدث بأحاديث الأصل واحد والكلام مختلف. وأسند عن ابن عون قال: كان الحسن وإبراهيم والشعبي يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة يعيدون الحديث على حروفه. وأسند عن أبي أويس قال: سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث إذا أصبت معنى الحديث فلم تحل به حرامًا ولم تحرم به حلالًا فلا بأس واسند عن سفيان قال: كان عمرو بن دينار يحدث بالحديث على المعنى وكان إبراهيم بن ميسرة لا يحدث إلا على ما سمع وأسند عن وكيع قال: إن لم يكن المعنى واسعًا فقد هلك الناس. =