فيقول: بلى. فيقول أخوه: فما لك لا تقضي به؟ فيقول: فأين الناس عنه. يعني: ما أجمع عليه من العلماء بالمدينة، يريد أن العمل بها أقوى من الحديث. قال ابن المعذل: سمعت إنسانًا سأل ابن الماجشون: لمَ رويتم الحديث ثم تركتموه؟ قال: ليعلم أَنَّا على علم تركناه. قال ابن مهدي: السنة المتقدمة من سنة أهل المدينة خير من الحديث. وقال أيضًا: إنه ليكون عندي أو نحوه. وقال ربيعة: ألف عن ألف أحب إلي من واحد عن واحد؛ لأن واحدًا واحد ينتزع السنة من أيديكم. قال ابن أبي حازم: كان أبو الدرداء يسأل فيجيب، فيقال: إنه بلغنا كذا وكذا بخلاف ما قال. فيقول: وأنا قد سمعته، ولكني أدركت العمل على غير ذلك. قال ابن أبي الزناد: كان عمر بن عبد العزيز يجمع الفقهاء ويسألهم عن السنن والأقضية التي يعمل بها فيثبتها، وما كان منه لا يعمل به الناس ألغاه، وإن كان مخرجه من ثقة. وقال مالك: انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من غزوة كذا في نحو كذا، وكذا ألفًا من الصحابة، مات بالمدينة منهم نحو عشرة آلاف، وباقيهم تفرق بالبلدان فأيهما أحرى أن يتبع ويؤخذ بقولهم؟ من مات عندهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه الذين ذكرت؟ أو مات عندهم واحد أو اثنان من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال عبيد اللَّه بن عبد الكريم: قبض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن عشرين ألف عين تطرف. باب بيان الحجة بإجماع أهل المدينة فيما هو، وتحقيق مذهب مالك: اعلموا -أكرمكم اللَّه- أن جميع أرباب المذاهب من الفقهاء والمتكلمين وأصحاب الأثر والنظر إلب واحد على أصحابنا على هذه المسألة، مخطئون لما فيها بزعمهم، محتجون علينا بما سنح لهم، حتى تجاوز بعضهم حد التعصب والتشنيع إلى الطعن في المدينة وعد مثالبها، وهم يتكلمون في غير موضع خلاف، فمنهم لم يتصور المسألة ولا تحقق مذهبنا فتكلموا فيها على تخمين وحدس، ومنهم من أخذ الكلام فيها ممن لم يحققه عنا، ومنهم من أطالها وأضاف إلينا ما لا نقوله فيها، كما فعل الصيرفي والمحاملي والغزالي، فأوردوا عنا في المسألة ما لا نقوله، واحتجوا علينا بما يحتج به على الطاعنين على الإجماع، وها أنا أفصل الكلام فيها تفصيلًا لا يجد =