للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الوحي والتنزيل، ويأمرهم فيطيعونه، ويسن لهم فيتبعونه، حتى توفاه اللَّه، واختار له ما عنده صلوات اللَّه عليه ورحمته وبركاته، ثم قام من بعده أتبع الناس له من أمته ممن ولي الأمر من بعده، فما نزل بهم مما علموا أنفذوه، وما لم يكن عندهم فيه علم سألوا عنه، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم وحداثة عهدهم، وإن خالفهم مخالف أو قال امرؤ غيره أقوى منه وأولى ترك قوله وعمل بغيره، ثم كان التابعون من بعدهم يسلكون تلك السبيل، ويتبعون تلك السنن، فإذا كان الأمر بالمدينة ظاهرًا معمولًا به لم أر لًأحد خلافه للذي في أيديهم من تلك الوراثة التي لا يجوز لأحد انتحالها ولا ادعاؤها، ولو ذهب أهل الأمصار يقولون: هذا العمل ببلدنا، وهذا الذي مضى عليه من مضى منا، لم يكونوا من ذلك على ثقة، ولم يكن لهم من ذلك الذي جاز لهم.
فانظر -رحمك اللَّه- فيما كتبت إليك فيه لنفسك، وأعلم أني أرجو أن لا يكون دعائي إلى ما كتبت به إليك إلا النصيحة للَّه -تعالى- وحده، والنظر لك والظن بك، فأنزل كتابي منك منزلته، فإنك إن فعلت تعلم أني لم آل لك نصحًا، وفقنا اللَّه وإياك لطاعته وطاعة رسوله في كل أمر وعلى كل حال، والسلام عليك ورحمة اللَّه، وكتب يوم الأحد لتسع مضين من صفر.
أتينا بها على وجهها بسرد فوائدها وهي صحيحة مروية.
وكان من جواب الليث عن هذه الرسالة:
وإنه بلغك عني أني أفتي بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندكم، وأنه يحق علي الخوف على نفسي لاعتماد من قبلي فيما أفتيهم به، وأن الناس تبع لأهل المدينة التي إليها كانت الهجرة وبها نزل القرآن، وقد أصبت بالذي كتبت من ذلك إن شاء اللَّه، ووقع مني بالموقع الذي لا أكره ولا أشد تفضيلًا مني لعلم أهل المدينة الذين مضوا ولا آخذ بفتواهم مني والحمد للَّه، وأما ما ذكرت من مقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة ونزول القرآن عليه بين ظهراني أصحابه وما علمهم اللَّه منه، وإن الناس صاروا تبعًا لهم فكما ذكرت. .
باب ما جاء عن السلف والعلماء في الرجوع إلى عمل أهل المدينة في وجوب الرجوع إلى عمل أهل المدينة وكونه حجة عندهم وإن خالف الأكثر:
روى أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه تعالى عنه قال على المنبر: احرج باللَّه على رجل روى حديثًا العمل على خلافه.
قال ابن القاسم وابن وهب: رأيت العمل عند مالك أقوى من الحديث.
قال مالك: وقد كان رجال من أهل العلم من التابعين يحدثون بالأحاديث وتبلغهم عن غيرهم فيقولون: ما نجهل هذا، ولكن مضى العمل على غيره. =

<<  <  ج: ص:  >  >>