الحمد للَّه الذي جعل العلما مصابيح الاهتدا وأباح لعباده [. . .] بمن شاء منهم والاقتدا والصلاة والسلام على سيدنا محمد المتبوع الحقيقي في الانتها كالابتدا وعلى آله وأصحابه الذين من تمسك بشيء من مذاهبهم القويمة فقد رشد واهتدى وبعد: فلما وقع في هذه الأعصار التي هطلت فيها سحايب الجهل على البوادي والأمصار إنكار القبض على من فعله من المالكية في صلاة الفرض وبولغ في التشنيع عليه حتى نسب إلي ما لا يحب أحد أن ينسب إليه رسمنا في ذلك هذا التقييد وذكرنا فيه من نصوص الأئمة ما ليس عليه مزيد وضمناه ثلاثة مباحث: الأولان منها توطئة للثالث ترجمناه برسالة نصرة القبض والرد على من أنكر مشروعيته في صلاة الفرض واللَّه ولي الإعانه والهادي إلى الصواب سبحانه. المبحث الأول: في حكم القبض في صلاتي النفل والفرض: اعلم أن قبض اليسرى باليمنى في قيام الصلاة وبدله مختلف فيه في مذهب مالك على أربعة أقوال مذكورة في مشاهير كتب أئمة مذهبه كمختصر ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما: الاستحباب والكراهة والجواز والمنع، فأما القول باستحبابه في الفرض والنفل وترجيحهما فيه على الإرسال والسدل فهو قول مالك في الواضحة وسماع القرينين أيضًا، واختاره غير واحد من المحققين كالإمام أبي الحسن اللخمي والحافظ أبي عمر بن عبد البر والقاضيين أبو بكر ابن العربي وأبي الوليد بن رشد وعده في مقدماته من فضائل الصلاة وتبعه القاضي عياض في قواعده، وكذا القرافي في كتاب الذخيرة صدر بأنه من الفضائل، ثم ذكر بعد ما فيه من الخلاف ومن اصطلاحه فيه تقديم المشهور على غيره كما نبه عليه في خطبته قال: وهو في الصحاح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ومثل ما للقرافي لابن جزي في قوانينه ونسبه عياض في الإكمال إلى الجمهور وهو أيضًا في الذخيرة للقرافي والميزان للشعراني. قول الأئمة الثلاثة الشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل وزاد ابن عبد البر في الاستذكار على نسبته لمن ذكر نسبته لسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وداود بن علي وأبي جعفر الطبري وغيرهم من أئمة المذاهب قال القباب في شرح قواعد عياض: "قال اللخمي: إن القبض ثابت للحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في البخاري ومسلم ولأنها وقفة العبد الذليل لربه وحديث البخاري المشار إليه هو ما رواه في باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة: عن عبد اللَّه بن سلمة عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: "كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" قال أبو حازم: لا أعلمه إلا ينمي ذلك للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ح [لعله يريد الحافظ ابن حجر رحمه اللَّه تعالى]: قوله: "كان =