فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد ومالك: يجب عليه قضاؤها ولا يذهب القضاء عنه إثم التفويت بل هو مستحق للعقوبة إلى أن يعفو اللَّه عنه. وقالت طائفة من السلف والخلف من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر يجوز له التأخير فهذا لا سبيل له إلى استدراكها ولا يقدر على قضائها أبدًا ولا يقبل منه. ولا نزاع بينهم أن التوبة النصوح تنفعه ولكن هل من تمام توبته قضاء تلك الفوائت التي تعمد تركها فلا تصح التوبة بدون قضائها أم لا تتوقف التوبة على القضاء فيحافظ عليها في المستقبل ويستكثر من النوافل وقد تعذر عليه استدراك ما مضى. هل هذا محل الخلاف ونحن نذكر حجج الفريقين. قال الموجبون للقضاء لما أمر النبي النائم والناسي بالقضاء وهما معذوران غير مفرطين فإيجاب القضاء على المفرط العاصي أولى وأحرى؛ فلو كانت الصلاة لا تصح إلا في وقتها لم ينفع قضاؤها بعد الوقت في حق النائم والناسي. قالوا وقد صلى العصر بعد المغرب يوم الخندق هو وأصحابه راجع البخاري رقم ٥٩٦ مسلم رقم ٦٣١ ومعلوم قطعًا أنهم لم يكونوا نائمين ولا ساهين عنها ولو اتفق النسيان لبعضهم لم يتفق للجميع. قالوا: وكيف يكون المفرط بالتأخر أحسن حالا من المعذور فيخفف عن المفرط ويشدد على المعذور. قالوا: وإنما أنام اللَّه سبحانه وتعالى رسوله والصحابة ليبين للأمة حكم من فاتته الصلاة، وأنها لا تسقط عنه بالتفويت بل يتداركها فيما بعد. قالوا وقد أمر النبي من أفطر بالجماع في رمضان ان يقضي يومًا مكانه، أبو داود رقم ٢٣٩٣، ابن ماجة رقم ١٦٧١. قالوا: ولا قياس يقتضي وجوب القضاء؛ فإن الأمر متوجه على المكلف بفعل العبادة في وقتها فإذا فرط في الوقت وتركه لم يكن ذلك مسقط بفعل العبادة في وقتها؛ فإذا فرط في الوقت وتركه لم يكن ذلك مسقطًا لفعل العبادة عنه. قال الآخرون: أوامر الرب تبارك وتعالى نوعان: نوع مطلق غير مؤقت فهذا يفعل في =