للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قبلت منه وصحت بعد الوقت لكان تسميتها فائتة لغوا وباطلا وكيف يفوت ما يدرك.
قالوا: وكما أنه لا سبيل إلى استدراك الوقت الفائت أبدًا فلا سبيل إلى استدراك فرضه ووصفه.
قالوا: وهذا معنى قوله في الحديث الذي رواه أحمد المسند (٢/ ٣٨٦) وغيره أبو داود (رقم ٢٣٩٦) الترمذي (رقم ٧٢٣) ابن ماجة (رقم ١٦٧٢) "من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر لم يقضه عنه صيام الدهر" فأين هذا من قولكم: يقضيه عنه صيام يوم من أي شهر أراد.
قالوا: وقد أمر اللَّه سبحانه المسلمين حال مواجهة عدوهم أن يصلوا صلاة الخوف فيقصروا من أركانها ويفعلوا فيها الأفعال الكثيرة ويستدبروها فيها القبلة ويسلمون قبل الإمام، بل يصلون رجالًا وركبانًا حتى لو لم يمكنهم إلا الإيماء أتوا بها على دوابهم إلى غير القبلة في وقتها ولو قبلت منهم في غير وقتها وصحت لجاز لهم تأخيرها إلى وقت الأمن وإمكان الإتيان بها وهذا يدلُّ على أنَّها بعد خروج وقتها لا تكون جائزة ولا مقبولة منهم مع العذر الذي أصابهم في سبيله وجهاد أعدائه فكيف تقبل من صحيح مقيم لا عذر له البتة وهو يسمع داعي اللَّه جهرة فيدعها حتى يخرج وقتها ثم يصليها في غير الوقت وكذلك لم يفسح في تأخيرها عن وقتها للمريض بل أمره أن يصلي على جنبه بغير قيام ولا ركوع ولا سجود إذا عجز عن ذلك ولو كانت تقبل منه وتصح في غير وقتها لجاز تأخيرها إلى زمن الصحة.
فأخبرونا، أي: كتاب أو سنة أو اثر عن صاحب نطق بأن من أخر الصلاة وفوتها عن وقتها الذي أمر اللَّه بإيقاعها فيه عمدًا يقبلها اللَّه منه بعد خروج وقتها وتصح منه وتبرأ ذمته منها ويثاب عليها ثواب من أدى فريضته هذا واللَّه ما لا سبيل لكم إليه البتة حتى تقوم الساعة ونحن نوجد لكم عن أصحاب رسول اللَّه مثل ما قلناه وخلاف قولكم.
فصل في قول أبي بكر الصديق الذي لم يعلم أن أحدًا من الصحابة أنكره عليه.
قال عبد اللَّه بن المبارك في الزهد رقم ٩١٤ أخبرنا إسماعيل ابن أبي خالد عن زيد أن أبا بكر قال لعمر بن الخطاب إني موصيك بوصية إن حفظتها إن للَّه حقًا بالنهار لا يقبله بالليل وحقا بالليل لا يقبله بالنهار وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف وإن اللَّه -عز وجل- ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم فإذا ذكرتهم خفت إلا أكون منهم وذكر أهل النار وأعمالهم فإذا ذكرتهم قلت أخشى أن أكون منهم وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغبًا راهبًا فلا يتمنى على اللَّه غير الحق =

<<  <  ج: ص:  >  >>