للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال: هي بعينها قيل له: فالعامد بتركها حينئذ ليس عاصيًا لأنه قد فعل ما أمر اللَّه به بعينه فلا يلحقه الإثم والملامة وهذا باطل قطعًا وإن قال: ليست هي التي أمر اللَّه بها قيل له: فهذا من أعظم حججنا عليك إذ أقررت أن هذه غير مأمور بها.
ثم نقول أيضًا ما تقولون في من تعمد تفويتها حتى خرج وقتها ثم صلاها أطاعة صلاته تلك أم معصية فإن قالوا: صلاته طاعة وهو مطيع بها، خالفوا الإجماع والقرآن والسنن الثابتة، وإن قالوا: هي معصية، قيل: فكيف يتقرب إلى اللَّه بالمعصية وكيف تنوب المعصية عن الطاعة فإن قلتم هو مطيع بفعلها عاص بتأخيرها وهو أنه إذا تقرب بالفعل الذي هو طاعة لا بالتفويت الذي هو معصية قيل لكم الطاعة هي موافقة الأمر وامتثاله على الوجه الذي أمر به فأين اللَّه ورسوله ممن تعمد تفويت الصلاة بفعلها بعد خروج وقتها حتى يكون مطيعا له بذلك، فلو ثبت ذلك لكان فاصلًا للنزاع في المسألة.
قالوا: وأيضًا فغير أوقات العبادة لا تقبل تلك العبادة بوجه كما أن الليل لا يقبل الصيام، وغير أشهر الحج لا يقبل الحج، وغير وقت الجمعة لا تقبل الجمعة فأي فرق بين من قال: أنا أفطر النهار وأصوم الليل أو قال: أنا أفطر رمضان في هذا الحر الشديد وأصوم مكانه شهرًا في الربيع، أو قال: أنا أؤخر الحج من شهره إلى المحرم أو قال أنا أصلي الجمعة بعد العشاء الآخرة أو أصلي العيدين في وسط الشهر وبين من قال انا أؤخر صلاة النهار إلى الليل وصلاة الليل إلى النهار فهل يمكن أحدًا قط أن يفرق بين ذلك.
قالوا: وقد جعل اللَّه سبحانه للعبادات أمكنة وأزمنة وصفات فلا ينوب مكان عن المكان الذي جعله اللَّه مكانًا ميقاتًا لها كعرفة ومزدلفة ومنى ومواضع الجمار والمبيت والصفا والمروة ولا تنوب صفة من صفاتها التي اوجبها اللَّه عليها عن صفة فكيف ينوب زمان عن زمانها الذي أوجبها اللَّه فيه عنه
قالوا: وقد دل النص والإجماع على أن من أخر الصلاة عن وقتها عمدًا أنها قد فاتته كما قال النبي: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" البخاري (رقم ٥٥٢) مسلم (رقم ٦٢٦) وما فات فلا سبيل إلى إدراكه ألبتة ولو امكن أن يدرك لما سمي فائتا وهذا مما لا شك فيه لغة وعرفا وكذلك هو في الشرع وقد قال النبي: "لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من يوم عرفة" الموطأ (١/ ٣٩٠) مجمع الزوائد (٣/ ٢٥٥) أفلا تراه جعله فائتا بفوات وقته لما لم يمكن أن يدرك في يوم بعد ذلك اليوم وهذا بخلاف المنسية والتي نام عنها فإنها لا تسمى فائتة ولهذا لم تدخل في قوله: "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" البخاري (رقم ٥٥٢) مسلم (رقم ٦٢٦).
قالوا والأمة مجمعة على أن من ترك الصلاة عمدًا حتى يخرج وقتها فقد فاتته ولو =

<<  <  ج: ص:  >  >>