قالوا: والصلاة في الوقت واجبة على كل حال حتى أنه يترك جميع الواجبات والشروط لأجل الوقت فإذا عجز عن الوضوء والاستقبال أو طهارة الثوب والبدن وستر العورة أو قراءة الفاتحة أو القيام في الوقت وأمكنه أن يصلي بعد الوقت بهذه الأمور فصلاته في الوقت بدونها هي التي شرعها اللَّه وأوجبها ولم يكن له أن يصلي بعد الوقت مع كمال هذه الشروط والواجبات فعلم أن الوقت مقدم عند اللَّه ورسوله على جميع الواجبات؛ فإذا لم يكن إلا أحد الامرين وجب أن يصلي في الوقت بدون هذه الشروط والواجبات ولو كان له سبيل إلى استدراك الصلاة بعد خروج وقتها لكانت صلاته بعد الوقت مع كمال الشروط والواجبات خيرًا من صلاته في الوقت بدونها وأحب إلى اللَّه، وهذا باطل بالنص والإجماع. قالوا: وأيضًا فقد توعد اللَّه سبحانه من فوت الصلاة عن وقتها بوعيد التارك لها قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} [الماعون: ٤، ٥] وقد فسر أصحاب رسول اللَّه السهو عنها بأنه تأخيرها عن وقتها كما ثبت ذلك عن سعد بن أبي وقاص وفيه حديث مرفوع سنن البيهقي ٢/ ٢١٤ وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩] وقد فسر الصحابة والتابعون إضاعتها بتفويت وقتها راجع صفحة ٣٢. والتحقيق أن إضاعتها تتناول تركها وترك وقتها وترك واجباتها وأركانها وأيضًا إن مؤخرها عن وقتها عمدًا متعد لحدود اللَّه كمقدمها عن وقتها فما بالها تقبل مع تعدي هذا الحد ولا تقبل مع تعدي الحد الآخر. قالوا وأيضًا فنقول لمن قال: إنه يستدركها بالقضاء، أخبرنا عن هذه الصلاة التي تأمر بفعلها هي التي أمر اللَّه بها أم هي غيرها =