للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ترك فرض قد وجب عليه من صلاته إذا كان ذاكرًا له وسوَّى اللَّه سبحانه وتعالى في حكمها على لسان رسوله بين حكم الصلاة المؤقتة والصيام المؤقت في شهر رمضان بل كل واحد منهما يقضى بعد خروج وقته فنص على النائم والناسي في الصلاة كما وصفنا، ونص على المريض والمسافر في الصوم وأجمعت الأمة ونقلت الكافة فيمن لم يصم شهر رمضان عامدًا وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشرًا وبطرًا ثم تاب منه بعد ذلك أن عليه قضاءه وكذلك من ترك الصلاة عامدًا فالعامد والناسي في القضاء للصلاة والصيام سواء وإن اختلفا في الإثم كالجاني على الأموال المتلف لها عامدًا وناسيًا سواء إلا في الإثم وكان الحكم في هذا النوع بخلاف رمي الجمار في الحج الذي لا يقضى في غير وقته لعامد ولا ناس لوجوب الدم فيما ينوب عنها وبخلاف الضحايا أيضًا لأن الضحايا ليست بواجبة فرضًا والصلاة والصيام كلاهما فرض واجب ودين ثابت يؤدي أبدًا، ان خرج الوقت المؤجل لهما قال رسول اللَّه: "دين اللَّه أحق أن يقضى" البخاري (رقم ١٩٠٣) مسلم (رقم ١١٤٨) وإذا كان النائم والناسي للصلاة وهما معذوران يقضيانها بعد خروج وقتها كان المتعمد لتركها الآثم في فعله ذلك وإن أبي لا يسقط عنه فرض الصلاة وأن يحكم عليه بالإتيان بها؛ لأن التوبة من عصيانه في عمد تركها هي أداؤها وإقامتها مع الندم على ما سلف من تركه لها في وقتها.
وقد شذ بعض أهل الظاهر، أي: ابن حزم وأقدم على خلاف جمهور علماء المسلمين وسبيل المؤمنين، فقال: ليس على المتعمد لترك الصلاة في وقتها أن يأتي بها في غير وقتها لأنه غير نائم ولا ناس وإنما قال رسول اللَّه: "من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها" الموطأ (١/ ١٣) قال والمتعمد غير الناسي والنائم المحلى (٢/ ٢٣٥).
قال: وقياسه عليهما غير جائز عندنا كما أن من قتل الصيد لا يجزيه عندنا.
فخالف في المسألتين جمهور العلماء وظن أنه يستتر في ذلك برواية شاذة جاءت عن بعض التابعين شذ فيها عن جماعة من علماء المسلمين، وهو محجوج بهم مأمور باتباعهم، فخالف هذا الظاهري طريق النظر والاعتبار وشذ عن جماعة علماء الأمصار، ولم يأت فيما ذهب إليه من ذلك بدليل يصح في العقول.
ومن الدليل على أن الصلاة تصلى وتقضى بعد خروج وقتها كالصيام سواء وإن كان إجماع الأمة الذين أمر من شذ عنهم بالرجوع إليهم وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدليل في ذلك قول النبي: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" البخاري (رقم ٥٥٦) مسلم (رقم ٦٠٨) ولم يستثن متعمدًا من ناس.
ونقلت الكافة عنه: "أن من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل الغروب صلى تمام =

<<  <  ج: ص:  >  >>