وأما قولكم: وسوَّى اللَّه سبحانه في حكمهما، أي: حكم العامد والناسي على لسان رسوله بين حكم الصلاة المؤقتة والصيام المؤقت في شهر رمضان بأن كل واحد منهما يقضى بعد خروج وقته فنص على النائم والساهي في الصلاة كما وصفنا، ونص على المريض والمسافر في الصوم واجتمعت الأمة ونقلت الكافة: فيمن لم يصم شهر رمضان عامدًا وهو مؤمن بفرضه وإنما تركه أشرًا وبطرًا ثم تاب منه أن عليه قضاءه إلى آخره فجوابه من وجوه: أحدها: قولكم إن اللَّه سبحانه وتعالى سوَّى بينهما، أي: بين العامد والناسي، فكلام باطل على إطلاقه في سوى اللَّه سبحانه بين عامد وناس أصلًا، وكلامنا في هذا العامد العاصي الآثم المفرط غاية التفريط فأين سوَّى اللَّه سبحانه بين حكمهما في صلاة أو صيام. وقولكم فنص على النائم والناسي في الصلاة كما وصفنا، قد تقدم أن النسيان المذكور في الصلاة لا يصح حمله على العمد بوجه، وأن الذي نص عليه في الحديث هو نسيان السهو الذي هو نظير النوم فلا تعرض فيه للعامد. وأما نصه على المريض والمسافر في الصوم فهما وإن أفطرا عامدين فلا يمكن أخذ حكم تارك الصلاة عمدًا من حمكها وما سوى اللَّه ولا رسوله بين تارك الصلاة عمدًا أو أشرًا حتى يخرج وقتها وبين تارك الصوم لمرض أو سفر حتى يؤخذ حكم أحدهما من الآخر فمؤخر الصوم في المرض والسفر كمؤخر الصلاة لنوم أو نسيان، وهذان هما اللذان سوَّى اللَّه ورسوله بين حكمهما، نص اللَّه على حكم المريض والمسافر في الصوم المعذورين ونص رسول اللَّه على حكم النائم والنادي في الصلاة المعذورين، فقد استوى حكمهما في الصوم والصلاة، ولكن أين استوى حكم العامد المفرط الآثم والمريض والمسافر والنائم والناسي المعذورين يوضحه أن الفطر بالمرض قد يكون واجبًا بحيث يحرم عليه الصوم والفطر في السفر إما واجب عند طائفة من السلف والخلف أو أنه افضل من الصوم عند غيرهم، أو هما سواء أو الصوم أفضل منه لمن لا يشق عليه عند آخرين. وعلى كل تقدير فإلحاق تارك الصلاة والصوم عمدًا وعدوانًا به من أفسد الإلحاق وأبطل القياس وهذا مما لا خفاء به عند كل عالم. وقولكم: إن الأمة اجتمعت والكافة نقلت أن من لم يصم شهر رمضان عامدًا أشرًا أو بطرًا ثم تاب منه فعليه قضاؤه فيقال لكم أوجدونا عشرة من أصحاب رسول اللَّه ممن دونهم صرح بذلك ولن تجدوا إليه سبيلًا، وقد أنكر الأئمة كالإمام أحمد والشافعي وغيرهما دعوى هذه الإجماعات التي حاصلها عدم العلم بالخلاف لا العلم بعدم =