وقد صرح الحسن بما قلناه، فقال محمد بن نصر المروزي في كتابه في الصلاة (رقم ١٠٧٨) حدثنا إسحاق حدثنا النضر عن الأشعت عن الحسن قال: إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدًا فإنه لا يقضيها. قال محمد: وقول الحسن هذا يحتمل معنيين: أحدهما: أنه كان يكفره بترك الصلاة متعمدًا فلذلك لم يرد عليه القضاء لأن الكافر لا يؤمر بقضاء ما ترك من الفرائض في كفره. والثاني: أنه لم يكفره بتركها وأنه ذهب إلى أن اللَّه -عز وجل-، إنما فرض أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم، فإذا تركها حتى ذهب وقتها فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه فيه؛ فإذا أتى به بعد ذلك فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه فيه؛ فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور به عن المأمور به، وهذا قول غير مستنكر في النظر لولا أن العلماء قد أجمعت على خلافه. قال: ومن ذهب إلى هذا قال في الناسي للصلاة حتى يذهب وقتها وفي النائم أيضًا لو لم يأت الخبر عن النبي أنه قال: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ" راجع البخاري (رقم ٥٩٧) مسلم (رقم ٦٨٤) وذكر أنه نام عن صلاة الغداة فقضاها بعد ذهاب الوقت لما وجب عليه في النظر قضاؤها أيضًا فلما جاء الخبر عن النبي بذلك وجب علي قضاؤها وبطل حظ النظر. فقد نقل محمد الخلاف صريحًا وظن أن الأمة أجمعت على خلافه وهذا يحتمل معنيين: أحدهما: أنه يرى أن الإجماع ينعقد بعد الخلاف. والثاني: أنه لايرى خلاف الواحد قادحًا في الإجماع. وفي المسألتين نزاع معروف. وأما قوله: إن القياس يقتضي أن لا يقتضي النائم والناسي لولا الخبر فليس كما زعمتم لأن وقت النائم والناسي هو وقت ذكره وانتباهه لا وقت له غير ذلك كما تقدم واللَّه أعلم. وأما قولكم: إن الكافة نقلت والأمة أجمعت أن من لم يصم شهر رمضان أشرًا وبطرًا أن عليه قضاءه فأين النقل بذلك إذا جاء عن أصحاب رسول اللَّه وقد روى عنه أهل السنن أبو داود (رقم ٢٣٩٦) الترمذي (رقم ٧٢٣) ابن ماجة (رقم ١٦٧٢) والإمام أحمد في مسنده ٢/ ٣٨٦ من حديث أبي هريرة: "من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر لم يقضه عنه صيام الدهر وإن صامه"، فهذه الرواية المعروفة فأين الرواية عنه أو عن أصحابه: "من أفطر رمضان أو بضعه أجزأ عنه أن يصوم مثله". =