وقد تقدم جواب هذا وأمثاله مرارًا وأن هذا التأخير كان طاعة للَّه تعالى وقربة وغايته أنه جمع بين الصلاتين لشغل مهم من أمور المسلمين، فكيف يصح إلحاق تأخير المتعدي لحدود اللَّه به ولقد ضعفت مسألة تنصر بمثل هذا. قوله وليس ترك الصلاة حتى يخرج وقتها عمدًا مذكورًا عند الجمهور في الكبائر. فيقال: يا للَّه العجب وهل تقبل هذا المسألة نزاعًا وهل ذلك إلا من أعظم الكبائر، وقد جعل رسول اللَّه تفويت صلاة العصر محبطًا للعمل، فأي كبيرة تقوى على إحباط العمل سوى تفويت الصلاة. وقد قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر، ولم يخالفه صحابي واحد في ذلك بل الآثار الثابتة الصحابة كلها توافق ذلك. هذا، والجامع بين الصلاتين قد صلاهما في وقت إحداهما للعذر فم إذا نقول فيمن صلى الصبح في وقت الضحى عمدًا وعدوانًا والعصر نصف الليل من غير عذر، وقد صرح الصديق أن اللَّه لا يقبل هذه الصلاة ولم يخالف الصديق صحابي واحد. وقد توعد اللَّه سبحانه بالويل والغي لمن سها عن صلاته وأضاعها، وقد قال الصحابة وهم أعلم الأمة بتفسير الآية إن ذلك تأخيرها عن وقتها كما تقدم حكايته. ويا للَّه العجب أي كبيرة أكبر من كبيرة تحبط العمل وتجعل الرجل بمنزلة من قد وتر أهله وماله، وإذا لم يكن تأخير صلاة النهار إلى الليل وتأخير صلاة الليل إلى النهار من غير عذر من الكبائر، لم يكن فطر شهر رمضان من غير عذر وصوم شوال بدله من الكبائر، ونحن نقول: بل ذلك أكبر من كل كبيرة بعد الشرك باللَّه ولأن يلقى اللَّه العبد بكل ذنب ما خلا الشرك به خير له من أن يؤخر صلاة النهار إلى الليل وصلاة الليل إلى النهار عدوانًا عمدًا بلا عذر. وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة: أنه دخل مع ابن عباس على عمر حين طعن فقال ابن عباس يا أمير المؤمنين الصلاة، فقال: أجل أصلي إنه لا حظ في الإسلام لمن أضاع الصلاة، سنن الدارقطني ٢/ ٥٢ وتعظيم قدر الصلاة (رقم ٩٢٥). وقال إسماعيل ابن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أبا بكر وعمر كانا يعلمان الناس الإسلام تعبد اللَّه ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة التي افترض اللَّه بمواقيتها؛ فإن في تفريطها الهلكة، تعظيم قدر الصلاة (رقم ٩٣٢). وقال محمد بن نصر المروزي: وسمعت إسحاق يقول: صح عن رسول اللَّه: "أن تارك الصلاة كافر" وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي إلى يومنا هذا: أن تارك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر، وذهاب الوقت أن يؤخر الظهر إلى =