وقال الطحاوي: كل سجدة جاءت بلفظ الخبر فلم يختلفوا في أنه يسجد فيها واختلفوا فيما جاءت بلفظ الأمر. وأما اختلافهم في السجدة الآخرة من الحج فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما ليس في الحج سجدة إلا واحدة وهي الأولى، وروي ذلك عن سعيد بن جبير والحسن البصري وجابر بن زيد. واختلف فيها عن ابن عباس، وقال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري في الحج سجدتان، وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد اللَّه بن عمر وأبي الدرداء وأبي موسى الأشعري وعبد اللَّه بن عباس على اختلاف عنه، وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي العالية الرياحي. وقال أبو إسحاق السبيعي: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين. وقال الأثرم: سمعت أحمد بن حنبل يسأل كم في الحج من سجدة؟ فقال: سجدتان، قيل له: حدث عقبة بن عامر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "في الحج سجدتان" قال: نعم، رواه ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "في الحج سجدتان ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما". يريد فلا يقرأهما إلا وهو طاهر، قال: وهذا يؤكد قول عمر وابن عمر وابن عباس أنهم قالوا فضلت سورة الحج بسجدتين. وذكر عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع أن عمر وابن عمر كان يسجدان في الحج سجدتين قال: وقال ابن عمر لو سجدت فيها واحدة كانت السجدة الآخرة أحب إلي. واختلفوا في سجدة (ص)، فذهب مالك والثوري وأبو حنيفة إلى أن فيها سجودًا، وروي ذلك عن عمر وابن عمر وعثمان وجماعة من التابعين، وبه قال إسحاق وأحمد وأبو ثور، واختلف في ذلك عن ابن عباس، وذهب الشافعي إلى أن لا سجود في (ص) وهو قول بن مسعود وعلقمة. وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال عبد اللَّه بن مسعود: إنما هي توبة نبي ذكرت وكان لا يسجد فيها، يعني (ص). وقال ابن عباس: ليست سجدة (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسجد فيها، وقد ذكرنا الآثار المسندة وغيرها في سجدة (ص) في التمهيد. واختلفوا في جملة سجود القرآن، ذهب مالك وأصحابه إلى أنها إحدى عشرة سجدة =