وما علقه الشافعي عن الصحابة قد جاء موصولًا عن الحسن البصري قال: "كان أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دخلوا المسجد وقد صلي فيه صلوا فرادى"، رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٢٣). وقال أبو حنيفة: "لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب". ونحوه في "المدونة" عن الإمام مالك، وبالجملة فالجمهور على كراهة إعادة الجماعة في المسجد بالشرط السابق، وهو الحق، ولا يعارض هذا الحديث المشهور: "إلا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه"، وسيأتي في الكتاب (ص ٢٧٧)؛ فإن غاية ما فيه حض الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أحد الذين كانوا صلوا معه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجماعة الأولى أن يصلي وراءه تطوعًا، فهي صلاة متنفل وراء مفترض، وبحثنا إنما هو في صلاة مفترض وراء المفترض، فاتتهم الجماعة الأولى، ولا يجوز قياس هذه على تلك؛ لأنه قياس مع الفارق من وجوه: الأول: أن الصورة الأولى المختلف فيها لم تنقل عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا إذنًا ولا تقريرًا مع وجود المقتضى في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم- كما أفادته رواية الحسن البصري. الثاني: أن هذه الصورة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى المشروعة؛ لأن الناس إذا علموا أنهم تفوتهم الجماعة يستعجلون فتكسر الجماعة وإذا علموا أنها لا تفوتهم يتأخرون فتقل الجماعة وتقليل الجماعة مكروه وليس شيء من هذا المحذور في الصورة التي أقرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فثبت الفرق فلا يجوز الاستدلال بالحديث على =