للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عليه الصلاة والسلام: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، وشعيب عليه الصلاة السلام: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، وكذلك غيرهم، وقد أجمع المسلمون على أن مؤمنهم يدخل الجنة.
الوجه الرابع: إن ذلك يستلزم دخول الجنة؛ لأن من غفر ذنبه وأجير من عذاب اللَّه تعالى وهو مكلف بشرائع الرسل فإنه يدخل الجنة، وقد ورد في القول الثالث حديث ساقه الحافظ أبو سعيد عن محمد ابن عبد الرحمن الكنجرودي في أماليه فقال: حدثنا أبو الفضل نصر بن محمد العطار نا أحمد بن الحسين بن الأزهر بمصر حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي حدثنا الوليد بن موسى حدثنا منبه عن عثمان عن عروة بن رويم عن الحسن عن أنس عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب" فسألنا عن ثوابهم وعن مؤمنيهم فقال: "على الأعراف وليسوا في الجنة" فقالوا: ما الأعراف قال: "حائط الجنة تجري منه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار" قال شيخنا الحافظ أبو عبد اللَّه الذهبي تغمده اللَّه تعالى برحمته هذا منكر جدًا، واللَّه تعالى أعلم.
الباب الخامس والعشرون: في أن مؤمنيهم إذا دخلوا الجنة هل يرون اللَّه تعالى أم لا؟ قد وقع في كلام ابن عبد السلام في القواعد الصغرى ما يدل على أن مؤمني الجن إذا دخلوا الجنة لا يرون اللَّه تعالى وأن الرؤية مخصوصة بمؤمني البشر؛ فإنه صرح بأن الملائكة لا يرون اللَّه تعالى في الجنة، ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه فإنه صرح قال: وقد أحسن اللَّه تعالى إلى النبيين والمرسلين وأفاضل المؤمنين بالمعارف والأحوال والطاعات والإذعان ونعيم الجنان ورضا الرحمن والنظر إلى الديان مع سماع تسليمه وكلامه وتبشيره بتاييد الرضوان ولم يثبت للملائكة مثل ذلك ولا شك أن أجساد الملائكة أفضل من أجساد البشر وأما أرواحهم فإن كانت أعرف باللَّه تعالى وأكمل أحوالا بأحوال البشر فهم أفضل من البشر وإن استوت الأرواح في ذلك فقد فضلت الملائكة البشر بالأجساد؛ فإن اجسادهم من نور وأجساد البشر من لحم ودم وفضل البشر الملائكة بما ذكرناه من نعيم الجنان وقرب الديان ورضاه وتسليمه وتقريبه والنظر إلى وجهه الكريم وإن فضلهم البشر في المعارف والأحوال والطاعات كانوا بذلك أفضل منهم وبما ذكرناه مما وعدوا به في الجنان ولا شك أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد والصبر ومجاهدة الهوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ الرسالات والصبر على البلايا والمحن والرزايا ومشاق العبادات لأجل اللَّه تعالى، وقد ثبت أنهم يرون ربهم ويسلم عليهم ويبشرهم بإحلال رضوانه عليهم أبدًا ولم يثبت مثل هذا للملائكة عليهم الصلاة والسلام وإن كان الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون فرب عمل يسير أفضل من تسبيح كثير وكم من نائم أفضل من قائم، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧)}، =

<<  <  ج: ص:  >  >>