للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال الجمهور: فدل على تأتي الطمث من الجن؛ لأن طمث الحور العين إنما يكون في الجنة.
الوجه الرابع: قال أبو الشيخ حدثنا إسحاق بن أحمد حدثنا عبد اللَّه بن عمران حدثنا معاوية حدثنا عبد الواحد بن عبيد عن الضحاك عن ابن عباس قال: الخلق أربعة؛ فخلق في الجنة كلهم وخلق في النار كلهم وخلقان في الجنة والنار، فأما الذي في الجنة كلهم فالملائكة، وأما الذي في النار كلهم فالشياطين وأما الذين في الجنة والنار فالإنس والجن لهم الثواب وعليهم العقاب.
الوجه الخامس: أن العقل يقوي ذلك وإن لم يوجبه، وذلك أن اللَّه تعالى قد أوعد من كفر منهم وعصى النار فكيف لا يدخل من أطاع منهم الجنة وهو سبحانه وتعالى الحكم العدل الحليم الكريم، فإن قيل: قد أوعد اللَّه تعالى من قال من الملائكة إنه إله من دونه ومع هذا ليسوا في الجنة؛ فالجواب من وجوه.
أحدهما: أن المراد بذلك إبليس لعنه اللَّه قال ابن جريج في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} ومن يقل منهم إني إله من دونه فلم يقله إلا إبليس لعنه اللَّه دعا إلى عبادة نفسه فنزلت هذه الآية فيه -يعني إبليس- لعنه اللَّه وقال قتادة: هي خاصة بعدو اللَّه إبليس لعنه اللَّه لما قال ما، قال لعنه اللَّه وحوله شيطانا رجيمًا قال: {فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} حكى ذلك عنهما الطبري.
الوجه الثاني: أن ذلك وإن سلمنا إرادة العموم منه فهذا لا يقع من الملائكة عليهم السلام بل هو شرط والشرط لا يلزم وقوعه وهو نظير قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، والجن يوجد منهم الكافر ويدخل النار.
الوجه الثالث: أن الملائكة وإن كانوا لا يجازون بالجنة إلا أنهم يجازون بنعيم يناسبهم على أصح قول العلماء.
واحتج أهل القول الثاني بقوله تعالى حكاية عن الجن أنهم قالوا لقومهم: {يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١)} قالوا: فلم يذكر دخول الجنة فدل على أنهم لا يدخلونها لأن المقام مقام تبجح والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أنه لا يلزم من سكوتهم أو عدم علمهم بدخول الجنة نقية.
الوجه الثاني: إن اللَّه أخبر أنهم ولوا إلى قومهم منذرين فالمقام مقام إنذار لا مقام بشارة.
الوجه الثالث: أن هذه العبارة لا تقتضي نفي دخول الجنة بدليل ما أخبر اللَّه تعالى عن الرسل المتقدمة أنهم كانوا ينذرون قومهم العذاب ولا يذكرون لهم دخول الجنة كما أخبر عن نوح -عليه السلام- في قوله تعالى: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}، وهود =

<<  <  ج: ص:  >  >>