(١) للإمام ابن الجزري في النشر (١/ ٩ - ١١) أيضًا كلام مهم في هذا الموضوع، رأيت ذكره لتقف على ما فيه بنفسك، فتعلم أين ما قاله مما يذكره الناس اليوم، وينسبونه إليه، يقول -رحمه اللَّه تعالى-: "كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها، سواء كانت عن الأئمة السبعة، أم عن العشرة، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي، وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه". قال أبو شامة -رحمه اللَّه- في كتابه المرشد الوجيز: "فلا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى واحد من هولاء الأئمة السبعة، وبطلق عليها لفظ الصحة، وأن هكذا أنزلت، إلا إذا دخلت في ذلك الضابط، وحينئذ لا ينفرد بنقلها مصنف عن غيره، ولا يختص ذلك بنقلها عنهم، بل إن نقلت عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة، فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا عمن تنسب إليه، فإن القراءات المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجتمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما ينقل عن غيرهم. قلت: وقولنا في الضابط ولو بوجه نريد به وجهًا من وجوه النحو، سواء كان أفصح أم فصيحًا مجمعًا عليه، أم مختلفًا فيه اختلافًا لا يضر مثله إذا كانت القراءة مما شاع وذاع وتلقاه الأئمة بالإسناد الصحيح، إذ هو الأصل الأعظم والركن الأقوم، وهذا هو المختار عند المحققين في ركن موافقة العربية، فكم من قراءة أنكرها بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم، بل أجمع الأئمة المقتدى بهم من السلف على قبولها كإسكان {بارئكم} و {يأمركم} ونحوه، و {سبأ} و {يا بني}، {ومكر السيئ} و {ننجي المؤمنين} في الأنبياء، والجمع بين الساكنين في تاءات البزي =