للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= تحقيقًا ووافقت قراءة القصر تقديرًا، إذ يحتمل أن تكون الألف سورة الهمزة على غير القياس كما كتب موئلًا.
وقد توافق اختلافات القراءات الرسم تحقيقًا نحو {أنصار اللَّه، ونادته الملائكة، ويغفر لكم ويعملون وهيت لك} ونحو ذلك مما يدل تجرده عن النقط والشكل وحذفه وإثباته على فضل عظيم للصحابة -رضي اللَّه عنهم- في علم الهجاء خاصة، وفهم ثاقب في تحقيق كل علم، فسبحان من أعطاهم وفضلهم على سائر هذه الأمة.
وللَّه در الإمام الشافعي -رضي اللَّه عنه- حيث يقول في وصفهم في رسالته التي رواها عنه الزعفراني ما هذا نصه: وقد أثنى اللَّه -تبارك وتعالى- على أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه تعالى عليه وآله وسلم- في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه تعالى عليه وآله وسلم- من الفضل ما ليس لأحد بعدهم، فرحمهم اللَّه وهنأهم بما أثابهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين، أدوا إلينا سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وشاهدوه والوحي ينزل عليه، فعلموا ما أراد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عامًا وخاصًا وعزمًا وإرشادًا وعرفوا من سننه ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا.
قلت: فانظر كيف كتبوا الصراط والمصيطرون بالصاد المبدلة من السين، وعدلوا عن السين التي هي الأصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام محتملة، ولو كتب ذلك بالسين على الأصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم والأصل، ولذلك كان الخلاف في المشهور في (بسطة) الأعراف دون (بسطة) البقرة، لكون حرف البقرة كتب بالسين وحرف الأعراف بالصاد، على أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفًا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة، ألا ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء تسئلني في الكهف، وقراءة {وأكون من الصالحين} والظاء من بضنين ونحو ذلك من مخالفة الرسم المردود، فإن الخلاف في ذلك يغتفر، إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول، وذلك بخلاف زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفًا واحدًا من حروف المعاني، فإن حكمه في حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه، وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته.
وقولنا: وصح سندها، فإنا نعني به أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله كذا حتى تنتهي، وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة =

<<  <  ج: ص:  >  >>