قال: وهو قول جميع أصحاب مالك المغيرة وابن كنانة وأشهب. قال: لأنه مسلم وذنبه لم يخرجه من الإسلام، واضطرب آخرون في ذلك ووقفوا عن القول بالتكفير أو ضده واختلاف قولي مالك في ذلك وتوقفه عن إعادة الصلاة خلفهم منه وإلى نحو من هذا ذهب القاضي أبو بكر إمام أهل التحقيق والحق، وقال: إنها من المعوصات إذا القوم لم يصرحوا باسم الكفر وإنما قالوا قولًا يؤدي إليه واضطرب قوله في المسألة على نحو اضطراب قول إمامه مالك بن أنس حتى قاله في بعض كلامه: إنهم على رأي من كفرهم بالتأويل لا تحل مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم ولا الصلاة على ميتهم ويختلف في موارثتهم على الخلاف في ميراث المرتد وقال أيضًا: نورث ميتهم ورثتهم من المسلمين ولا نورثهم من المسلمين وأكثر ميله إلى ترك التكفير بالمآل، وكذلك اضطرب فيه قول شيخه أبي الحسن الأشعري وأكثر قوله ترك التكفير وأن الكفر خصلة واحدة وهو الجهل بوجود الباري تعالى. وقال مرة: من اعتقد أن اللَّه جسم أو المسيح أو بعض من يلقاه في الطرق فليس بعارف به وهو كافر ولمثل هذا ذهب أبو المعالي -رحمه اللَّه- في أجوبته لأبي محمد عبد الحق وكان سأله عن المسألة فاعتذر له بأن الغلط فيها يصعب؛ لأن إدخال كافر في الملة واخراج مسلم عنها عظيم في الدين وقال غيرهما من المحققين: الذي يجب الاحتراز من التكفير في أهل التأويل فإن استباحة دماء المصلين الموحدين خطر والخطأ في ترك ألف كافر أهون من الخطإ في سفك محجمة من دم مسلم واحد. وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإذا قالوها -يعني: الشهادة- عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللَّه! فالعصمة مقطوع بها مع الشهادة ولا ترتفع ويستباح خلافها إلا بقاطع ولا قاطع من شرع ولا قياس عليه، وألفاظ الأحاديث الواردة في الباب معرضة للتأويل في جاء منها في التصريح بكفر القدرية. وقوله: لا سهم لهم في الإسلام وتسميته الرافضة بالشرك وإطلاق اللعنة عليهم، وكذلك في الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء فقد يحتج بها من يقول بالتكفير وقد يجيب الآخر بأنه قد ورد مثل هذه الألفاظ في الحديث في غير الكفرة على طريق التغليظ وكفر دون كفر وإشراك دون إشراك، وقد ورد مثله في الرياء وعقوق الوالدين والزوج والزور وغير معصية وإذا كان محتملًا للأمرين فلا يقطع على أحدهما إلا بدليل قاطع. وقوله في الخوارج: هم من شر البرية وهذه صفة الكفار، وقال: شر قبيل تحت أديم السماء طوبى لمن قتلهم أو قتلوه، وقال: "فإذا وجدتموهم فاقتلوهم قتل عاد"، =