للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأطلق المؤلف الجواز ولم يعتبر تقييد من قيده بأن لا يراه يفعل ما يخالف؛ لأنّا إن قلنا: كل مجتهد مصيب (١)، فلا إشكال، أو: المصيب واحد فمجزئة؛ لعدم تحققه.


= كان شرطًا في صحة الصلاة لا تضر المخالفة فيه وما كان شرطًا في صحة الإتمام فإن المخالفة فيه تضر فالأول يأتم مالكي بمن لا يتدلك والثاني كان يأتم مفترض بمتنفل أو بمعيد الصلاة.
قلت: وهذا الأخير يتعين المصير إليه ولا ينبغي أن يجعل مقابلًا للمذهب وقال الفيشي رحمه اللَّه تعالى في شرح قول العزية: وتصح الصلاة خلف المخالف في الفروع الظنية كالمالكي خلف الشافعي، أي: وغيره فقد نقل المازري الإجماع على صحة الاقتداء بالمخالف في الفروع الظنية وظاهره مطلقًا، أي: رآه بمناف لمذهبه أو لا وقال سند: لا تصح إذا رآه يأتي بمناف، أي: مبطل وجمهور المتأخرين على أنه خلاف المشهور واختار الشيخ (صر) أن كلام سند تقييد لإطلاق أهل المذهب".
(١) قال في مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٩، وما بعدها)، وقد سئل: هل كل مجتهد مصيب؟ أو المصيب واحد والباقي مخطئون؟ فأجاب: "قد بسط الكلام في هذه المسألة في غير موضع وذكر نزاع الناس فيها وذكر أن لفظ الخطأ قد يراد به الإثم؛ وقد يراد به عدم العلم. فإن أريد الأول فكل مجتهد اتقى اللَّه ما استطاع فهو مصيب؛ فإنه مطيع للَّه ليس بآثم ولا مذموم. وإن أريد الثاني فقد يخص بعض المجتهدين بعلم خفي على غيره؛ ويكون ذلك علمًا بحقيقة الأمر لو اطلع عليه الآخر لوجب عليه اتباعه؛ لكن سقط عنه وجوب اتباعه لعجزه عنه وله أجر على اجتهاده ولكن الواصل إلى الصواب له أجران كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث المتفق على صحته: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر".
ولفظ "الخطأ" يستعمل في العمد وفي غير العمد قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١)} والأكثرون يقرؤون (خطئًا) على وزن ردءًا وعلمًا. وقرأ ابن عامر (خطأ) على وزن عملًا كلفظ الخطأ في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}. وقرأ ابن كثير: (خطاء) على وزن هجاء. وقرأ ابن رزين: (خطاء) على وزن شرابًا. وقرأ الحسن وقتادة: (خطأ) على وزن قتلًا. وقرأ الزهري (خطا) بلا همز على وزن عدى. قال الأخفش: خطأ يخطأ بمعنى: أذنب وليس معنى أخطأ؛ لأن أخطأ في ما لم يصنعه عمدًا يقول فيما أتيته عمدًا: خطيت؛ وفيما لم يتعمده: أخطأت. وكذلك قال أبو بكر ابن الأنباري الخطأ: الإثم يقال: قد خطأ يخطأ إذا أثم وأخطأ يخطىء إذا فارق الصواب. وكذلك قال ابن الأنباري في قوله: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} فإن المفسرين كابن عباس وغيره قالوا: لمذنبين آثمين في أمرك وهو كما قالوا فإنهم قالوا: {يَاأَبَانَا=

<<  <  ج: ص:  >  >>