للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} وكذلك قال العزيز لامرأته: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ}، قال ابن الأنباري: ولهذا اختير خاطئين على مخطئين وإن كان أخطأ على ألسن الناس أكثر من خطا يخطي؛ لأن معنى خطا يخطي فهو خاطئ: آثم ومعنى أخطأ يخطىء: ترك الصواب ولم يأثم. قال: عبادك يخطئون وأنت رب تكفل المنايا والحتوم وقال الفراء: الخطأ: الإثم الخطأ والخطا والخطاء ممدود. ثلاث اللغات. قلت: يقال في العمد: خطأ كما يقال في غير العمد على قراءة ابن عامر فيقال لغير المتعمد: أخطأت كما يقال له: خطيت ولفظ الخطيئة من هذا. ومنه قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وقول السحرة: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)}. ومنه قوله في الحديث الصحيح الإلهي: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم" وفي الصحيحين عن أبي موسى؛ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يقول في دعائه: "اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني اللَّهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي". وفي الصحيحين: عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول قال: أقول: اللَّهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللَّهم نقني من خطاياي كما ينفى الثوب الأبيض من الدنس، اللَّهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد".
والذين قالوا: كل مجتهد مصيب والمجتهد لا يكون على خطأ وكرهوا أن يقال للمجتهد: إنه أخطأ هم وكثير من العامة يكره أن يقال عن إمام كبير: إنه أخطأ وقوله: أخطأ لأن هذا اللفظ يستعمل في الذنب كقراءة ابن عامر: {إنه كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} ولأنه يقال في العامد: أخطأ يخطىء كما قال: "يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم" فصار لفظ الخطأ وأخطأ قد يتناول النوعين كما يخص غير العامل، وأما لفظ الخطيئة فلا يستعمل إلا في الإثم. والمشهور أن لفظ الخطأ يفارق العمد كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} الآية ثم قال بعد ذلك: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}. وقد بين الفقهاء أن الخطأ ينقسم إلى خطأ في الفعل؛ وإلى خطأ في القصد.
فالأول: أن يقصد الرمي إلى ما يجوز رميه من صيد وهدف، فيخطئ بها، وهذا فيه الكفارة والدية.
والثاني: أن يخطئ في قصده لعدم العلم؛ كما أخطأ هناك لضعف القوة وهو أن يرمى من يعتقده مباح الدم ويكون معصوم الدم كمن قتل رجلًا في صفوف الكفار ثم تبين أنه كان مسلمًا والخطأ في العلم هو من هذا النوع؛ ولهذا قيل في أحد القولين: إنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>