وأما معارضة حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك. قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد. بمخالفة عقيل عن ابن شهاب فقال وذلك نحو ثلاثين ميلًا. وكذلك رواه عبد الرزاق عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللَّه أن عبد اللَّه بن عمر كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام. قال سالم: وخرجنا مع عبد اللَّه إلى أرض له بريم، وذلك من المدينة على نحو من ثلاثين ميلًا فقصر عبد اللَّه الصلاة يومئذ. فقد قال في الاستذكار: (٢/ ٢٣٢، وما بعدها): "أما رواية عبد الرزاق عن مالك فأظنها وهمًا فخلاف ما في الموطأ لها وإنما رواية عقيل عن ابن شهاب فإن لم تكن وهمًا فيحتمل أن يكون ريم موضعًا متسعًا كالإقليم عندنا فيكون تقدير مالك إلى آخر ذلك، وتقدير عقيل في روايته إلى أول ذلك. ومالك أعلم بنواحي بلده، قال بعض شعراء أهل المدينة: فكم من حرة بين المنقى ... إلى أحد إلى جنبات ريم إلى الروحاء ومن ثغر نقي ... عوارضه ومن ذلك وخيم ومن عين مكحلة المآقي ... بلا كحل ومن كشح هضيم وجنبات ريم ربما كانت بعيدة الأقطار". وقال في المنتقى: "وما رواه جماعة رواة الموطأ عن مالك أولى وهو أعلم بذلك لتكرره عليه ونشأته به وإخباره بمسافته إخبار من يروح إليه ويغدو منه وهذا كله ليس فيه دليل على أقل مقادير القصر وإنما فيه دليل على جواز القصر في مثل تلك المسافة، وإنما يخبر كل إنسان منهم بما يشاهد من ذلك وتختلف عباراتهم فبعضهم يحد ما رواه بالمسافة وبعضهم بالزمان وبعضهم بالأميال ويعود ذلك كله إلى معنى واحد، واللَّه أعلم". وقد روى مالك عن نافع أنه كان يسافر مع عبد اللَّه بن عمر البريد فلا يقصر الصلاة، وهذا يرد ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر الصلاة.