للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و (الرحمن): فعلان، مِن (رحم) بالكسر، صفة مشبهة.

وقيل: علم ابن (١) العربي، [و] هو: الاسم الأعظم، ولا يجوز أن يقال لغيره.

و(الرحيم): فعيل مِن (رحم)، لكن في (الرحمن) مِن المبالغة ما ليس فيه، واشتقاقهما مِن الرحمة، وهي هنا مجاز عن الإنعام، لا الرأفة التي تحدث في القلب؛ لاستحالتها في حقه تعالى.

وقال بعضهم: الرحمن والرحيم واحد؛ لأنهما مِن الرحمة، وهي ترك عقوبة من يستحقها.

وقيل: إرادة الخير لأهله، وهي أصلها الرقة والتعطف مِن الرحم؛ لرقتها وانعطافها على ما فيها، لكن في الرحمن زيادة مبالغة، وهو عام معنى؛ لأنه الرازق لكافة الخلق في الدنيا، وخاص لفظًا؛ لأن غيره -تعالى- لم يسم رحمن، وما شذ مِن قولهم في مسيلمة الكذاب:

* وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا (٢) *

فلا اعتداد به. وأجاب الزمخشري بأنه مِن باب تعنتهم في كفرهم.


= في المسألة: أن اللفظ إما أن يدل على صفة كمال أم لا، فإن لم يدل على صفة كمال لم يجز إطلاقه على اللَّه تعالى، إلا أن يرد به الشرع، فيقتصر على ذكره في المواضع التي ورد فيها، وإن دل على صفة كمال فإن ورد الشرع به جاز إطلاقه على اللَّه تعالى في الموضع الذي ورد فيه وفي غيره، وإن لم يرد به فمذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وعامة أهل السنة أنه لا يجوز أن يسمى اللَّه تعالى إلا بما سمى به نفسه، أو أجمعت الأمة عليه، قال القمولي من الشافعية: كقديم، وواجب الوجود. وذهب القاضي أبو بكر الباقلاني والمعتزلة إلى أنه يجوز أن يسمى اللَّه بكل اسم صح معناه، ولم يمنع الشرع ولا الإجماع منه، وذهب الغزالي إلى أنه يجوز إطلاق ذلك على سبيل الوصف لا على سبيل التسمية، فالأسماء عنده توقيفية، والأوصاف لا نهاية لها".
(١) كذا في سائر النسخ، وفي فتح الجليل وهو الشرح الكبير لشارحنا: وقيل: علم عربي.
(٢) هذا عجز بيت صدره:
* سموت بالمجد يابن الأكرمين أبًا *

<<  <  ج: ص:  >  >>