للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معانيها وعلم موارد الشرع ومقاصده ونص الكلام وظاهره وفحواه وسائر نواحيه وهو المعبر عنه بعلم أصول الفقه وأكثره يتعلق بعلم العربية ومقاصد الكلام والخطاب، ثم يأخذ قياس ما لم ينص عليه على ما نص بالتنبيه على علته أو شبيهًا له.

وهذا كله يحتاج إلى مهلة، والتعبد لازم لحينه، ثم إن الواصل إلى هذا الطريق وهو طريق الاجتهاد والحكم به في الشرع قليل، وأقل من القليل بعد الصدر الأول والسلف الصالح والقرون المحمودة الثلاثة، وإذا كان هذا فلا بد لمن لم يبلغ هذه المنزلة من المكلفين أن يتلقى ما تعبد به وكلف به من وظائف شريعته ممن ينقله له ويعرفه به ويثبته عليه في نقله وعلمه وحكمه، وهو: التقليد، ودرجة عوام الناس بل أكبرهم هذا" (١).

٣ - أن في قوله: (مجردة من الدليل) يحتمل أحد أمرين:

الأول: أن ما احتوته تلك المتون من مسائل لا دليل عليها من كتاب أو سنة ونحوهما، فيكون أصحاب المذاهب الأربعة أربابًا من دون اللَّه تعالى، لأنهم شرعوا في دين اللَّه ما ليس منه، وهذا الاحتمال -وإن كنا نربأ بصاحب المقالة عنه- هو المتبادر لدى كثير من الناس، ووصلت الجرأة ببعضهم أن قال: لا أدلة بالمطلق على مسائل مذهب مالك، وهذا فيه من التعسف والجور ما فيه (٢).


(١) ترتيب المدارك (١/ ٥٩ - ٦٠).
(٢) وهذا ما دفعني إلى وضع كتابي (منار السبيل في بيان أدلة خليل)، وقد نهجت فيه تتبع الأدلة من الأصلين من خلال كتب الأصحاب الذين بلغت شهرتهم الآفاق، وانتشرت مؤلفاتهم في أصقاع الأرض شرقًا وغربًا قديمًا وحديثًا، وانتقيت منهم أشهر من برز بفن الحديث رواية ودراية وأقوال علماء الأمصار، وأشهر من أتقن الحجاج والعقليات وعلوم العربية، وأشهر من له اهتمام بالخلافيات، مع الرجوع إلى كتب الحديث وشروحها، ومعرفة أدلة المذاهب الأخرى، وموازنتها بأدلة المذهب، من حيث عرض الأدلة على ميزان علم الحديث الشريف، ومعرفة أقوال أهل العلم فيها من الأصحاب والمخالفين، وبيان الحكم الصحيح فيها بعون اللَّه تعالى دون تحيز أو تعصب، ثم عرضها على أصول الفقه وقواعده، واللَّه أسأل أن يعين على إخراجه للنشر قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>