للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم علل ذلك بقوله: لقلة العمل الصالح، وقلة التقوى، وهي لغة: قلة الكلام، والحجز بين الشيئين، واصطلاحًا: امتثال أمر اللَّه -تعالى- واجتناب نواهيه.

ومِن الأوامر: الإخلاص، والصبر، والرضى، والزهد، والقناعة، والتوكل، وشكر المنعم، والنصيحة، ومحبة أهل العلم، وتعلم ما لا بد منه مِن أمر الدين.

ومِن النواهي: الحقد، والحسد، والبغي، والغضب لغير اللَّه، والغش، والخديعة، والمكر، والكبر، والعجب.

وإنما قال المصنف ذلك هضمًا لنفسه، وإلا فعلمه وتقواه مشهور (١)، وكان مِن أهل الكشف (٢)، . . . . .


(١) كذا في سائر النسخ، ولعل الصواب: مشهوران.
(٢) يتحقق للمرء الكشف بتربية نفسه وجهادها، وبحملها على ترك بعض المباحات وفعل ما تكره من المندوبات فضلًا عن الواجبات، يقول أبو حامد الغزالي في إحيائه (١/ ٧١) وهو يتحدث عما يخص به الكشف: "أن يكون أكثر اهتمامه بعلم الباطن، ومراقبة القلب، ومعرفة طريق الآخرة، وسلوكه، وصدق الرجاء في انكشاف ذلك من المجاهدة والمراقبة؛ فإن المجاهدة تفضي إلى المشاهدة، ودقائق علوم القلب تنفجر بها ينابيع الحكمة من القلب، وأما الكتب والتعليم فلا تفي بذلك، بل الحكمة الخارجة عن الحصر والعد إنما تتفتح بالمجاهدة والمراقبة ومباشرة الأعمال الظاهرة والباطنة والجلوس مع اللَّه -عز وجل- في الخلوة مع حضور القلب بصافي الفكرة والانقطاع إلى اللَّه -تعالى- عما سواه، فذلك مفتاح الإلهام، ومنبع الكشف، فكم من متعلم طال تعلمه ولم يقدر على مجاوزة مسموعه بكلمة، وكم من مقتصر على المهم في التعلم ومتوفر على العمل ومراقبة القلب فتح اللَّه له من لطائف الحكمة ما تحار فيه عقول ذوي الألباب".
وقال (١/ ١٠٠): "وإنما الكشف الحقيقي هو صفة سر القلب وباطنه".
وقال (١/ ٣٣٧): "والحجب المسماة أنوارًا ما أريد بها الضوء المحسوس بالبصر بل أريد بها ما أريد بقوله -تعالى-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ. . .} الآية)، ولنتجاوز هذه المعاني فإنها خارجة عن علم المعاملة، ولا يوصل إلى حقائقها إلا الكشف التابع للفكر الصافي، وقل من ينفتح له بابه، والمتيسر على جماهير الخلائق الفكر فيما يفيد في علم المعاملة؛ وذلك -أيضًا- مما تغزر فائدته، =

<<  <  ج: ص:  >  >>