للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للعبارة، وإلغاز في الجمل، واختزال للمعاني)، فما من علم وإن بسط القول فيه في الكتب إلا وفيه غموض وإبهام، فلا يرفع ذلك إلا بملازمة الشيوخ، وسؤالهم عن المشكلات، واستيضاحهم المقفلات، ومن ثم قيل: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه، وإنّا نجد في كلام العلماء الربانيين كلامًا لو أخذ بظاهره لحصل به الشرك باللَّه العظيم، رغم وضوحه ظاهرًا؛ ولذلك يجب مخالطة العلماء وسؤالهم، فمن ذلك ليتضح لك المقال قول الإمام أحمد: والطواف على قبور الصالحين مكروه.

وأما ثالثها فقوله: (والخطأ فيها من وجهين:

الأول: تجريدها من النصوص كتابًا وسنة، لأن المقصود الاستدلال لها بدليل شرعي، لا الاستدلال بها هي مجردة من الدليل.

الثاني: فَهِم الكثير أن هذه الآراء الفقهية قاطعة راجحة وما سواها باطل، فحصل التعصب للمذهب والبعد عن الدليل).

فالجواب عن وجهه الأول: أن هذه المتون موضوعة للمبتدئين، ولا شك أن المبتدئ في حكم المقلد، والمقلد لا يسأل إمامه عن الدليل؛ ولأنه حتى لو علم الدليل فإنه لا يعرف وجه الاستدلال منه، فالذي يهمه ابتداء هو معرفة الحكم من الإمام الذي اتبعه؛ ليعبد اللَّه -تعالى- على وفقه.

وأما الجواب عن وجهه الآخر، فهو: أن سبب تقليد إمام ما هو الثقة بعلمه وورعه، بما شوهد من واقع حاله، وتسليم العلماء له، والثناء عليه، وهذا يفضي بالمقلد -ولا ريب- إلى القطع بصحة ما قاله إمامه، وإلا لما جاز له تقليده، هذا أولًا.

وأما ثانيًا؛ فإن إمام المقلد نفسَه يرى أن ما رآه وذهب إليه هو الحق اليقين، وإلا لما ساغ له عبادة اللَّه تعالى به، فهذا الإمام الشافعي -رحمه اللَّه تعالى- يقول: "قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"، وما عده أحد من العلماء متعصبًا لرأيه؛ وذلك -ولا شك- قد

<<  <  ج: ص:  >  >>